عنوان الموضوع : هدي خير العباد في أيام الأعياد
مقدم من طرف منتديات بنت السعودية النسائي

هناك عُظماء كثيرون حَفروا أسماءَهُمْ في صفحة التاريخ, لن يَنْسَى الناس حياتَهُم الخالدة, ومآثِرَهم العظيمة، وما قَدَّموه للبشرية من بُطولاتٍ، وتضحيَات، وأعمال جليلة, إلا أن عظمة ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ - صلى الله عليه وسلم - تقصر دونها عظمة كلّ عظيم, فهي أصيلةٌ في أصوله, ممثَّلة في شخصه، وخلقه، ودينه؛ بل إنَّ عباقرة الأرض تلاشَوْا في سناه, وآثارهم تَضَاءَلتْ أمام هُداه. قال -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].



القادة: يتعلمون منه الحَزْم والعَزْم.



الدُّعاة إلى الله: ينْهَلون من مَعِين دعوته الرحمةَ والحكمة.



الحاكم: يأخذ من هَدْيِه الأحكام العادلة.



القاضي: يقْتَبِس منه العَدْل والفصل في الخُصومات.



الآباء: يقتدون به في التربية والتَّنْشِئة.



التاجر: ينهج طريق الصدق، والأمانة، والسَّماحَة.



إنه لجديرٌ بالمسلمينَ أن يتأمَّلُوا في سيرته العَطِرة - عليه الصلاة والسلام - فينظروا كيف كان اجتهادُه في العبادة؛ للتَّأَسِّي والاقتداء, كيف كان زُهْده في الدنيا؛ فيُقلِّلوا من جَرْيهِم وراء الشهوات والملذَّات. كيف كان تعامله في المواقف والمناسبات؛ فيعرفوا طريقة التعامل المُثْلَى, كيف كان ثباتُه على الدعوة في وَجْه التحَدّيات؛ فيتعلموا الصُّمُود وقت المِحَن، وشدة الابتلاء؛ وهكذا.



ودَعُونا - أيها الأكارم - نُسَلِّط الضوء على هَدْيه المبارك - صلى الله عليه وسلم - في الأعياد؛ فإنَّ ط§ظ„ط£ط¹ظٹط§ط¯ في الإسلام لها شأنٌ عظيم, ومما يدل على ذلك؛ أن الإسلام قرن كلّ واحدٍ من عيدَيْه العظيمينِ بشَعيرةٍ من شَعائره العامَّة، التي لها جلالها ومكانتُها, هاتان الشَّعِيرَتان هما: شهر رمضان: الذي جاء عيد الفِطْر مِسْك ختامه, وكلمة الشكر على تمامه؛ والحج: الذي كان عيد الأضْحَى بعض أيامِه, والوقت المبين لمُعْظم أحكامه.


إن أكْمَل هَدْي هو هَدْي نبينا الكريم, وأعظم منهجٍ هو منهجه القَوِيم, تَرَكَنَا على المَحَجَّة البيضاء؛ ليلها كنهارها لا يَزِيغ عنها إلا هالك. فالمتأمِّل في هَدْيه المبارك خلال ط£ظٹط§ظ… ط§ظ„ط£ط¹ظٹط§ط¯ يجد أن فيها منَ اللَّهْو المُباح, والفرح والانْشِرَاح, والتَّوْسِعَة على الأهل, ونشر المحبة والسلام, الشيء الكثير، والمواقف النبوية العظيمة تشْهَد بذلك؛ فقد جاء في الصحيحَيْنِ عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: إن أبا بكر دخل عليها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندها في يوم فطر أو أَضْحى، وعندها جاريتان تُغنيان بما تقاولت به الأنصار في يوم حرب بُعَاث، فقال أبو بكر: "أَمِزْمَارُ الشيطان عند ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ صلى الله عليه وسلم؟"، فقال ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ - صلى الله عليه وسلم -: ((دَعْهُما يا أبا بكر، فإنَّ لكل قوم عيدًا، وإنَّ عيدنا هذا اليوم)).



فكيف وبعض المسلمينَ في يوم عيدهم العظيم, في حُزن وعبوس وتجنُّب إظهار أي فرح؛ بحجة أنه لا يليقُ أن يفرحَ المسلمون وهم يرَوْنَ "القُدْس الشريف" ما زال يغتصبه اليهود, والأمة في حال ضَعْف وهَوَان, وجراحاتها الدَّامية لا تكاد تنتهي, مع العلم أنَّ النَّبِيَّ - عليه الصلاة والسلام - لم يمنع الفرح، حتى والقدس ومكة كلاهما في يد الكُفَّار على عهده, فما أروع هَدْيَهُ الكريم، عليه مِنَّا أزكى صلاة، وأعطر تسليم!!


إِذَا نَحْنُ أَدْلَجْنَا وَأَنْتَ إِمَامُنَا كَفَى بِالْمَطَايَا طِيبُ ذِكْرَاكَ حَادِيَا



مَنْ فهِمَ هذا الدينَ على حقيقته, والسُّنَّة في صورتها المُثْلى, عَرَف أنَّ ديننا دين تسامُح وفرح، لا دين تَزَمُّت وانْغِلاق، نَعَم إنه يُستَحَبُّ للمسلم التوسعة على أهله في ط£ظٹط§ظ… العيد بأنواع ما يحصل لهم من بَسْط النفس، والترويح عنهم، وأَخْذهم للرحلات الترفيهية. ولو تأملنا مُراعاة ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ - صلى الله عليه وسلم – لعائشة، وحرصه على أن تَلْهو وتفرح؛ كما جاء في حديث: "لعب الأحباش"، تقول عائشة: "رأيتُ ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرني بردَائه، وأنا أنْظُر إلى الحبشة، يلعبون في المسجد حتى أكون أنا التي أسْأَم، فاقْدُروا قَدْر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو"؛ مُتَّفق عليه. وأيضًا في مُسْنَد أحمد بسند صحيح، ورد عن عائشة أنها قالت أن الرسول - صلوات ربي وسلامه عليه - قال عند لعب الأحباش في المسجد: ((لتَعْلَم يهود أنَّ في ديننا فُسْحَة، وأني بُعثْتُ بحنيفية سَمْحَة))، وجاء في الأثر: "رَوِّحوا القلوب ساعة بعد ساعة؛ فإن القلوب تكل".



فأين إخوتنا الرافضون لأي نافذة فرح من تلك السيرة العَطِرة؟، ولماذا لا يجعلونها نِبْراسًا لهم في حياتهم؟


وعمومًا لئن كان من حق العيد أن نبهج به ونفرح، وكان من حَقِّنا أن نتبادلَ التهاني، ونطرح الهموم، ونتهادى فيما بيننا, فإنَّ كُلَّ هذا لا يُنسينا أبدًا حُقُوقَ إخواننا المَكْلُومينَ والمشرَّدِينَ شرقًا وغربًا؛ بل نقف معهم في مِحْنتهم؛ كالجسد الواحد، نشحذ هِمَمهم، ونقوي عزائمهم، ونبسط الأيدي بالبَذْل لهم، ونطلق ألسنتنا بالدعاء لهم، فهذا هو الشعور المُجْدِي، الذي يُترجم إلى عملٍ واقعي، لا يُراد من ذلك تذراف الدموع، ولبس ثياب الحِداد في العيد، وإنما يُراد من ذلك أن تَظهرَ أمَّتُنا في أعيادها؛ كما أراد محمد - عليه الصلاة والسلام - بمظهر الأمة الواعية، التي تلزم الاعتدال في سَرَّائها وضَرَّائها، فلا يحول احتفاؤها بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فريقٌ من أبنائها، وهو القائل - عليه الصلاة والسلام -: ((مَنْ نفَّس عن مؤمن كُرْبة من كُرَبِ الدنيا، نفَّس الله عنه كُرْبةً من كُرَب يوم القيامة، والله في عَوْن العبد ما كان العبد في عَوْن أخيه))؛ رواه مسلم.



وباختصار: فإن العيد الذي ترجَمَهُ لنا رسول الهُدَى - عليه الصلاة والسلام - هو مناسبة غالية، ومظهر من مظاهر الفخر تتجَلّى فيه الشعائر الدينية، والنفحات المُحمدية، وصورة حيَّة تجسد أعظم المعاني الحسنة. إن العيد بحق هو ربيع حياة الإنسان، فكما أنَّ للأرض ربيعًا تزخر فيه بأنواع النبات: صِنْوان، وغير صِنْوان، وفي ربيع الأرض تظهر ألوانُ الأرض على سطحها، وقد أخذت الأرض زُخرفها، وازَّيَّنَت، واهْتَزَّت، وَرَبَتْ، فإن ربيع الحياة الإنسانية هذا العيد الذي هو بمثابة فُسحة إلهية، يتحقق من خلالها تناسي الآلام البشرية، والابتسام لنعمة الله، وإشعال النشاط؛ لاقتحام الصعاب؛ والانتصار على الأهوال؛ وتحصيل ما تطلب الأمة من أسباب الكمال.



العيد فُرصة طيّبة؛ لتتوجه الأمة نحو روافد الخير، وجعل كل فردٍ يستشعر عِظَم المسؤولية المُلْقاة على عاتقه؛ ليُجَسِّد لدى الأفراد السمو الروحي، والسمو الأخلاقي؛ بل أستطيعُ القول: إنَّ العيدَ صفحة أخيرة في خِتام العام، يقرأ المؤمن من خلالها حالَه مع ربه، ونفسه، ومن حوله، فهل نحن فاعلون؟!



بارك الله للمُسلمينَ في أعيادهم، ومكَّن لهم دينهم الذي ارْتَضَى لهم.



وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.



الشيخ حسين مسعود القحطاني



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :
طرح رائع ومنقول قيم نفع الله به ..
وجعلنا واياكم والمسلمين ممن اهتدى بهديه صلى الله عليه وسلم الى يوم الدين ..

شكر الله لك وغفر لك ذنبك عزيزتي

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..~

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سلمت الأنامل
وجزاك الله خيراً

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :