عنوان الموضوع : ما بعد الحج للحاج
مقدم من طرف منتديات بنت السعودية النسائي





ما بعد الحج

الحمد لله علا وقهر، وعز واقتدر، لا محيد عن قضائه ولا مفرّ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو على كل شيء شهيد، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعه من العبيد.

أما بعد:

إخوة الإيمان: اتقوا الله حق تقاته، واشكروه على آلائه ونعمائه، اشكروه على تمام موسم الطاعة، اشكروه كثيرا على تمام موسم ط§ظ„ط*ط¬ بكل أمن وأمان، فقد حجوا ونعموا بتمام ركن من أركان الإسلام، وها هم يعودون لأهلهم وديارهم، ولا يزال البعض يتمتع بالأجواء الروحانية الإيمانية بين المقدسات في مكة والمدينة -نسأل الله أن يردهم لبلادهم سالمين غانمين مقبولين-.
وكعادة أهل هذه الأرض الطيبة -أرض الحرمين- بتعاون وكرم أهلها، وتسابقهم في خدمة الحجاج وإطعامهم، سارت المئات من الحافلات تحمل الحجاج على نفقة المحسنين، كما تسابق آخرون في إرسال شاحنات السقيا والطعام للمشاعر، كما شاهدنا ما يبذله آلاف من شبابنا رسميين ومتبرعين في خدمة الحجاج، وإرشادهم، وأمنهم، وخيرات كثيرات حسان شهدتها تلك الأراضي المقدسة، لا يجب أن نغفل عنها، فنحمد الله -سبحانه- ونشكره على ما تفضل وأنعم، حيث سهل لحجاج بيته، وزوار حرمه، أداء مناسك ط§ظ„ط*ط¬ بسلام وأمان في هذا العام، ودون حادثة تُذكر، وهذا بفضل الله أولاً ثم بفضل جهود كبيرة تُشهر وتُشكر للقائمين عليه، تكاتفت عليه جهات رسمية، ومؤسسات خاصة وعامة، وسواعد شباب وأفراد متطوعين؛ فكانت ملحمة رائعة من التنافس والتسابق لخدمة الحجيج، وتسهيل أمورهم، صورة مشرقة تتجلى فيها الإيجابية والتعاون والتماسك، ويتجلى فيها الإيمان وحب الخير بين رجال وشباب بذلوا أنفسهم، فشكر الله للجميع جهودهم، وتقبل الله منا ومنهم بذلهم وعطاءهم.

أيُّها المسلمون: ها قد انتهى موسم ط§ظ„ط*ط¬ وأوشك، وانتهى أعظم الأيام؛ عشر ذي الحجة، وربح فيه من ربح، وغفل فيه من غفل: (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً) [الإسراء: 84].

استثمره السعداء لطاعة الله، والتقرب إليه بالعمل الصالح، ونيل رضوانه -سبحانه-، وقضاها الآخرون ربما في غفلة ولهو ولعب، وربما في ذنوب ومعاص -نسأل الله السلامة والعافية-.

وهكذا هي الدنيا دار ابتلاء وامتحان وعمل، وليس كل من يدخل الاختبار يخرج ناجحًا، بل هم درجات بعضها فوق بعض: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)[الملك: 2].

إلا أن العاقل له وقفة محاسبة مع نفسه؛ فيحاسبها بعد كل موسم من مواسم الخيرات والبركات، يعرفُ خيرَهَا فيزداد منه، ويقف على شرّهَا وغفلتها فيتداركها ويحذر من نفسه: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)[الإنسان: 2-3].

وشتان بين من توجهتْ همَّتُهُ إلى العلا وبين مَنْ أخلَدَ إلى الأرضِ واتَّبَعَ هواهُ: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَ * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)[الشمس: 7- 10].

مَنْ جَدَّ وَجَدَ، وَمَنْ زَرَعَ حَصَدَ.

نسأل الله أن يتقبل منا أجمعين، وأن يغفر لنا الغفلة والتقصير.

أخي: قد تكون ممن وفقه الله فرجع من حجه كيوم ولدته أمه، فعقد العزم على أن يفتح صفحة جديدة مع الله، أو قد تكون ممن استغل العشر بالأعمال الصالحة، وعمرها بالذكر والتكبير والصدقات وتلاوة القرآن، وبالتوبة والأوبئة إلى رب العالمين، فهنيئا لك، وواصل مسيرتك، وأخلص نيتك، واصدق مع ربك ليعينك ويوفقك.

جاهد نفسك واصدق مع ربع ليعينك ويوفقك.

جاهد نفسك –أخي-، واعلم أن هذه الدنيا إنما هي دار ابتلاء وامتحان.

كن قريبا من الله -تعالى-، كن دائما مع الله، فإن الله -عز وجل- يرى ويسمع، إن الله -عز وجل- عليم خبير.

كن مع الله -يا عبد الله-، واصدق مع الله.

ثم اعلموا -إخوة الإيمان-، بل تفكروا وتأملوا بمثل هذه الأيام كيف تجتمع الملايين في بقعة من أجناس مختلفة، ولغات مختلفة، وطبائع مختلفة، ومفاهيم مختلفة، يجتمعون في مكان واحد يتنقلون بين المشاعر، ومن نسك إلى نسك، بكل سلاسة وطمأنينة، وبكل روحانية وسكينة.

اجتماعهم ليس ساعة ولا يوما، بل لأيام، وربما أسابيع ثم ينعمون ويطمئنون ويسعدون أَيما سعادة، بصلاتهم وبحجهم ودعواتهم، ثم يغادرون إلى أوطانهم وأهليهم بكل انسيابية وهدوء، بل بفرح وأنس ومشاعر لا توصف.

وفي الوقت الذي يموج العالم من حولنا، في حروب واضطرابات، وقتل وفتن ونكبات، فهل سألنا أنفسنا وفكرنا وبحثنا عن الأسباب؟

لعل الإجابة واضحة جلية للعيان، أفصح عنها القرآن، فقال الله -عز وجل-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) [العنكبوت: 67].

فحافظوا على نعمة الله -عباد الله-، حافظوا على نعمة الأمن، وعلى هذه النعم التي تترى، حافظوا عليها بالشكر لله، بالشكر بالأعمال قبل الأقوال.

إنها آيات القرآن يا أهل الإيمان تقرؤونها في الصباح والمساء، تدبروها وطبقوها على حياتكم، وفي ممارساتكم اليومية، لتروا أثرها بركة بالأمن والإيمان، يقول الحق -عز وجل-: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [القصص: 57].

لا تكن من هؤلاء الكثير، بل كن القليل الشاكرين الذين يعلمون ويفقهون هذه النعمة العظيمة، نعمة الأمن والإيمان، فاشكروا الله كثيرا، واحذروا فجاءة نقمته، إنما هذه النعمة بحقيقة التوحيد لله، والبعد عن الشرك بالله، واحذروا تحول عافيته، احذروا زوال نعمته، فليس بيننا وبين الله نسب، بل إيمان وتوحيد: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام: 82].

أي الذين لم يلبسوا إيمانهم بشرك، كما فسره ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ -صلى الله عليه وسلم-، فظلم هنا بمعنى الشرك، فعظوا بالنواجذ على نعمة التوحيد
عظوا بالنواجذ على نعمة الأمن
عظوا بالنواجذ على نعمة نبذ الشرك
عظوا بالنواجذ على تعظيم الله -عز وجل-
وتواصوا بهذه النعم، فو الله لا نعلم غيرها سببا لنجاة سفينتنا، ولهذا التكاتف بين الراعي والرعية -نسأل الله -تعالى- أن يديم الود والمحبة-، فلنأخذ بأسباب النجاة، ونتواصى بها كما أفصحت عنها الآيات، فاقرؤوا القرآن -عباد الله- وتأملوه.


نسأل الله -تعالى- أن ينفعنا بالقرآن العظيم وبالذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الشيخ إبراهيم الدويش





>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شكر الله لشيخنا هذه الكلمات المباركة ونفع بها وبارك فيه وبعلمه ونفع به الامة ..

احسنتِ الانتقاء .. أحسن الله اليك وغفر لك ياغاليه ..

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله بشيخنا الفاضل
وبارك الله بك وجزاك خيرا غلاتي

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهور 1431
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شكر الله لشيخنا هذه الكلمات المباركة ونفع بها وبارك فيه وبعلمه ونفع به الامة ..

احسنتِ الانتقاء .. أحسن الله اليك وغفر لك ياغاليه ..




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :