عنوان الموضوع : فضائل مكة -من الاسلام
مقدم من طرف منتديات بنت السعودية النسائي





فضائل مكة

أمَّا بعد: فيا أيّها الناس: أُسرةٌ صغيرةٌ مُكوَّنة مِن أمٍّ وطفلِها الرَّضيع استقرَّت في دوحَةٍ فوق الزّمزَم في أعلَى هذا المسجِد المبارك، لا تملِك تلكم الأسرةُ إلا جرابًا فيه تمر وسقاءً فيه ماء، ووسطَ وادٍ ليس به أنيسٌ ولا ماء ولا زرع
غير أنَّ تلك الأم المباركة لم يخالِجها شكٌّ أنَّ الله الذي اختَار لها ولِطفلها هذه البُقعة النائيةَ لن يضيِّعها وابنَها، بل اعتَصَمَت به ورضِيَت بقضائِه حينما قالت لزوجها إبراهيمَ - عليه السلام -: ءآلله أمرك بهذا؟
قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيِّعنا؛ ولهذا جاءتها البشرى فقال لها المَلك مرسلاً إليها: لا تخافوا الضيعةَ؛ فإنَّ هذا بيتُ الله يبنيه هذا الغلام وأبوه. الحديث رواه البخاري.


لقد أصبَحَت تلكم الأسرةُ الصغيرةُ نواةَ الحياة وأصلَ العمران في هذا المكان
وقد جاءت إلى صَحراءِ الجزيرةِ العربية بشرفِ النبوة والرسالة لا غير، فصارَ البيت الحرام لهم وعاءً وماءُ زمزم لهم سقاءً وعِناية الله لهم حِواء، حتى أذِن الله لإبراهيم - عليه السلام - أن يرفَعَ هو وابنه إسماعيلُ قواعدَ البيت، (
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[البقرة: 127، 128].



لقد أراد الله - سبحانه وتعالى - بحكمته وعلمِه أن يكونَ هذا الموطن مأوى لأفئدةِ الناس تهوي إليه من كلِّ فجٍّ عميق، وملتقى تتشابَك فيه الصلات بين الناس على اختلافِ ألسنتهم وألوانهم، فيأمر الله خليلَه - عليه السلام - بقولِه: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)[الحج: 27].
ومن ثَمَّ يصبِح الحجّ ركنًا أساسًا مِن أركان الإسلام الخمسةِ بالكتاب والسنّة والإجماع، ومَن أنكره فقد كفر باللهِ، ومن كفَر فإنَّ الله غنيّ عن العالمين.



أيّها المسلمون، إنَّ الله - جل وعلا - حينَما جعل مكّةَ البيتَ الحرام قيامًا للناس وجعل أفئدة الناس تهوي إليه أودَعَ شريعتَه الغراء ما يكون سياجًا يميِّز هذه البقعةَ عن غيرِها ويُبرِز لها الفضلَ عمّا سواها، فجعل في شريعتِه لهذا البلدِ منَ الفضلِ والمكانةِ ما لم يكن في غيرِه، فتعدَّدت فيه الفضائل وتنوَّعت حتى صارَ من ظپط¶ط§ط¦ظ„ مكّة أن سماها الله أمَّ القرى كما في قولِه - تعالى -: (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)[الأنعام: 92]
فالقرى كلُّها تبَعٌ لها وفرع عليها، تقصِدها جميعُ القرى في كلّ صلاة، فهي قِبلة أهل الإسلام في الأرضِ ليس لهم قبلةٌ سواها؛ ولذا جزم جمهور أهل العِلم أن مكّةَ هي أفضل بِقاعِ الأرض على الإطلاقِ، ثم تَليها المدينةُ النبويّة على ساكنها أفضلُ الصلاةِ والسلام؛ ولذا صحَّ عن النبيِّ أنّه قال عن مكَّة: ((
واللهِ، إنك لخيرُ أرض الله، وأحبُّ أرضِ الله إلى الله، ولولا أني أُخرِجت منك ما خَرجتُ)) رواه أحمد والترمذي.


ومن فضائلِ هذا البلد الحرامِ أنَّ الله جلَّ شأنه أقسم به في موضعين من كتابه فقال - سبحانه -: (وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ)[التين: 3]
وقال - سبحانه -: (
لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ)[البلد: 1].



ومِن فضائلِ مكّةَ حرسَها الله ما ثَبَت عن المصطَفى أنّه قال: ((إنَّ مكّةَ حرَّمها الله - تعالى -، ولم يحرِّمها الناس، ولا يحِلّ لامرئٍ يؤمن بالله واليومِ الآخر أن يسفِك بها دمًا أو يعضد بها شجرةً، فإن أحدٌ ترخَّص بقتال رسول الله فقولوا له: إنَّ الله أذِن لرسوله ولم يأذَن لك، وإنما أُذِن لي فيها ساعَة من نهار، وقد عادَت حرمتُها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلِّغ الشاهد الغائب)) متفق عليه
وفي روايةٍ أخرى متفق عليها أنه قال: ((
هذا البلد حرَّمه الله يومَ خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمةِ الله إلى يومِ القيامة، لا يُعضَد شوكه ولا ينفَّر صيده ولا يلتَقط لقطَته إلا من عرَّفها ولا يُختَلى خلاه)).



إنّه الأمنُ والأمان - عبادَ الله - الذي ارتضَاه الشارِع الحكيم في بلدِه الأمين ليكون نِبراسًا ونهجًا يحذو حَذوَه قاصِدو بيتِ الله الحرام مِن كافّة أرجاء المعمورة؛ ليدركوا جيِّدا قيمةَ الأمن وأثره في واقعِ الناس والحياة على النفسِ والمال والأرواح والأعراضِ، فإنَّ الله - جل وعلا - اختَارَ مكّةَ حرمًا آمنًا وأرضًا مَنزوعة العنفِ والأذى ولَيسَت منزوعةَ السلاح فحسب، بل أمَّن الناسَ فيها حتى من القولِ القبيح واللّفظ الفاحش، (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)[البقرة: 197]
وأمَّن في الحرم الطيرَ والوحش وسائرَ الحيوان؛ ليكون الإحساس أبلغَ والقناعة أكمل لمن كان له قَلب أو ألقى السّمعَ وهو شهيد.


وإنَّ مما يدلّ علَى حُرمةِ مكّةَ أيضًا وُرودَ الآية الكريمة الدالّة على المعاقبةِ لمن همَّ بالسيئة فيها وإن لم يفعلها حيث قال - سبحانه -: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)[الحج: 25]
والإلحادُ هو الميلُ والحَيد عن دينِ الله الذي شَرَعه، ويدخل في ذلِكم الشركُ بالله في الحَرم أو الكُفر به أو فعلُ شيء مما حرمه الله أو ترك شيء مما أوجبه الله أو انتهاك حرمات الحرم، حتى قال بعض أهل العلم: يدخل في ذلك احتكارُ الطعام بمكة.



كما أنَّ من ظپط¶ط§ط¦ظ„ مكّةَ - عباد الله - أنه يحرم استقبالُها أو استدبارُها عند قضاء الحاجة دونَ سائر البقاع لقولِه: ((لا تستقبلوا القِبلةَ بغائطٍ ولا بولٍ، ولا تستدبروها، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا)) متفق عليه.


ومن فضائِلِها أيضًا ما ورَدَ في فضلِ الصلاة فيها حيثُ ثبَت عن النبيِّ أنه قال: ((صلاةٌ في مسجدِي هذا أفضلُ من ألفِ صلاة فيما سِواه إلاّ مسجدَ الكعبة)) رواه مسلم
وفي رواية أخرَى أنّه قالَ: ((
صلاةٌ في مسجدِي هذا أفضلُ من ألفِ صلاة فيما سواه إلاّ المسجد الحرام، وصلاةٌ في المسجد الحرَام أفضلُ من صلاةٍ في مسجدي هذا بمائةِ صلاة)) رواه أحمد وابن حبّان بإسناد صحيح.



ويكون معنى هذا الحديث أنَّ الصلاة في المسجد الحرام بمائة أَلف؛ لأنَّ الصلاةَ في المسجد النبويّ بألفِ صلاة، والصلاة في المسجد الحرامِ تفضله بمائة، فيصبح المجموع مائةَ ألف حاصِلَ ضَربِ ألفٍ في مائة.
وقد اختَلَف أهلُ العلم في هذه المضاعفةِ هل هي خاصّة بالمسجِد نفسه أو بمكّة كلِّها، أي: ما كان داخِلَ الأميال، والأظهرُ والله أعلم وهو الذي ذهَب إليه جمهورُ أهلِ العلم أن المضاعفةَ تشمَل جميعَ مكّةَ، غيرَ أنَّ الصلاة في نفس المسجدِ أفضلُ، وذلك لقِدَم المكانِ ولِكَثرة الجماعة.


هذه بعضُ ظپط¶ط§ط¦ظ„ مكّة وليست كلَّ فضائلها؛ حيث يكفينا من القلادَةِ ما أحاطَ بالعنق.



(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ * قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[المائدة: 97-100].


بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والذكر والحِكمَة، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كلّ ذنب وخطيئَة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه كان غفارًا.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
فيا أيّها الناس، لقد شرَّفَ الله مكّةَ أَيّما تَشريف، وجعلها أمَّ القرى وقِبلةَ المسلِمين كافّةً أينما كانوا على وَجهِ هذه البَسيطة، وبوَّأ لها من المكانةِ والعظَمَة والحرمة ما يوجِب على كلِّ مسلم أن يؤمِنَ به وأن يقدُرَها حقَّ قَدرِها، ويزدَاد الأمر توكيدًا على كلِّ وافدٍ إلى بيتِ الله الحرام أن يلتَزِم بآدابِ الإقامة وأن لا يخِلَّ بشيء من ذلكم لِئلاّ يقع في المحذور وهو لا يشعُر؛ لأنَّ تعظيمَ المرء لها إنما يكون من بابِ تعظيمه لله الواحدِ الأحد: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) [الحج: 30، 31].


فلتَتَنَبَّهوا لذلك وفودَ بيتِ الله الحرام، ولا تجرَحوا حُسنَ الجِوار بِسوء الأدَب أو التقصير في توقيرِ بيتِ الله أو في تعظيمِ النّسُك الذي قطَعتم المفاوِزَ والقفار من أجله، فإنَّ الله - جل وعلا - يقول: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197]
وقد قال المصطفى: ((
من حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رَجَع كيومِ ولدَته أمّه)) رواه البخاري ومسلم.



فإيّاك إيّاك أيها الحاجّ، إياك والرفثَ، إياك والفسوق، إياك والجدالَ في الحج؛ لأنها شعائرُ في عرصَات أمّ القرى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32]


هذا وصلّوا - رحمكم الله - على خيرِ البريّة وأزكى البشريّة محمّد بن عبد الله صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بأمر بدَأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبّحة بقدسه وأيَّه بكم أيها المؤمنون، فقال - جل وعلا -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمد...

الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم





>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شرفها الله وجعلنا ممن عظمها كما عظمها ربنا عز وجل ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ... وحفظ حقها ..

بارك الله في الشيخ ونفع به وبعلمه الامة ,,

جزاك الله خيرا وجعلها في ميزان حسناتك عزيزتي ...

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :
جزاك الله خير
ولاحرمت من طيب مرورك العطر


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :