عنوان الموضوع : رجولة.. حياة زوجية
مقدم من طرف منتديات بنت السعودية النسائي






أمسك سامر هاتفه الجوال وبحث عن اسم زوجته في قائمة الاتصال قاصداً الحديث معها..
كان قرار الفراق الذي اتخذته زوجته ما يزال يشكل في نفسه صدمة,
و لم يكن ليصدق أنها تريد أن تنهي هذا الزواج الذي استمر لسنوات طويلة هكذا و بكل بساطة.

منذ شهور و سارة تحدثه عن قرارها و تجهد في إقناعه بأنها فرصته الأخيرة ليحتفظ بها و بعائلته,
و لكنه كان يعتقد بأنها حركة من حركات النساء المدللات,
و اعتقد أنه اكتشف بذكائه حيلة نسائية قديمة تعتقد الزوجات أنها تستطيع أن تؤجج بها مشاعر أزواجهن و تهز رجولة هؤلاء بها.

لم يعر للموعد الذي حددته سارة لمغادرتها المنزل بالاً,
و لم يجهد و لو للحظة في البحث عن الأسباب أو التفكير في ما لو كانت سارة جادة هذه المرة,
و قابل تلك الحيلة حسب اعتقاده برجولة اعتاد أن يتقنها طوال سنوات زواجهما
و زاد من جرعات الألم التي اعتاد أن يسقيها لعائلته عندما يعبر عن رجولته بتلك الصرخات التي تمليها عليه عصبيته اللامحدودة .

وجد اسم سارة في القائمة على شاشة الهاتف المحمول الذي اشترته له كهدية عندما أخبرها أن شحن البطارية في هاتفه القديم قد نقص وقتها, و وضع يده على ذلك الزر الأخضر ليهاتفها ثم استبطئ تلك الضغطة ليفكر في ما سيقوله لها عندما سيسمع صوتها من بعيد.
راح يحدث نفسه و يستجمع عباراته التي ستؤثر في قرار سارة و تعيدها نحوه مسرعة مشتاقة بعد أن طال غيابه و ابتعاده عن المنزل,
و فكر في أن الاعتذار الذي لم يتقنه و لو لمرة واحدة في سنوات زواجهما سيكون أكثر أثراً.
فكر أنه سيعتذر لها عن خروجه الغريب من المنزل و تركها و الأولاد دون أن يهتم لمصيرهم, و سيقول لها أنه كان يعرف جيداً أنها تمتلك مالاً يكفي لتنفق على نفسها و الأولاد و أنه غضب بشدة عندما قرأ ما كتبته عنه و عن مشكلتها معه على حاسوبها المحمول, و أنه عندما قرأ كل تلك القصص التي روتها على حاسوبها قرر أن يبتعد هو بدلا منها.

سيخبرها أيضاً بأنه أراد لقلبها أن يفتقده و يشتاق إليه , و أنه حزين لأنها لم تسأل عنه طوال مدة غيابه, و لأنها لم تطلب منه العودة.
سيقول لها كم افتقدها بجانبه, و كم افتقد العطور التي ينثرها شعرها الناعم حولها, و تلك التي تنثرها كل يوم على ملاءات السرير عندما تقوم بترتيبه صباحاً.

سيخبرها أنه مغرم بأناقتها و أنه يحب فيها حتى إسرافها, و أنه يفتقد كل ملابسها الهادئة و أحذيتها الكثيرة التي طالما أحصاها مهددا و متوعدا بغضب من الله لهذا الترف.

سيحكي لها عن إعجابه بصورتها و هي تطالع الكتب و تشرب الشاي الأخضر بنكهة الياسمين في أكوابها الجميلة, و سيبتسم و هو يصف لها دقات قلبه عندما يراها تكتب قصصها و فنجان قهوتها التركية الجميل بجانبها.

سيعترف لها بأنه يعتز بوجودها معه, و أنه يحب تعلقها بذراعه في الطريق رغم تلك التكشيرة التي لم تكن تفارق وجهه حينها, و سيخبرها بأن التكشيرة هي معيار من معايير الرجولة.

سيعتذر لها عن عنفه في قيادة السيارة و هي بجانبه, و سيعترف لها بأنه نادم لأنه كان يتعمد إزعاجها ليثبت رجولته,

سيجد عذراً أيضاً لأنه منذ زمن طويل بات يرفض أن يأخذها و الأولاد في نزهة و لو في السيارة, و سيشرح لها عن تلك الدروس في الاقتصاد التي كان يريد لها تعلمها و لم تقبل.

سيخبرها أيضاً بأن النزق و العصبية التي كرهته لأجلها هي عنوان من عناوين الرجولة, و أن الوجه المتجهم الذي بات يقابلها به ليل نهار هو عنوان أخر لها, و أن عنواناً للرجولة أيضأً يسمونه الانشغال الدائم عن تلبية الطلبات و الرد بكلمات مقتضبة على مكالماتها و منها أيضاً أن يغفل عن رد السلام.

سيعتذر لأنه كان يرفض توصيلها لزياراتها القليلة, و لأنه كان يزعجها و الأولاد بصراخه المتعمد في السيارة كلما قام بتوصيلهم نحو المدارس صباحاً أو نحو بيت جدهم, و سيعتذر لأنه كان يصل إلى بيت أهلها غاضبا منزعجاً ليعود بها و بالأولاد إلى البيت ليلاً, و سيعترف بأنه ندم لأنه كان يجبرهم على الركض نحوه أو التواجد في الشارع قبل وصوله في الأجواء الصعبة.

سيعتذر لها أيضاً لأنه كان يرفض توصيلها إلى عملها عندما يكون غاضبا منها أو في أيام الصيام, و لأنه كان يتركها تشقى في الصباح للبحث عن سيارة أجرة و هو نائم.

سيعتذر لها أيضاً لأنه كان يبوح بأسرارها لأمه و لأخته و لأنه كان يزيد في الأحداث بحثا عن تعاطفهما معه, و لأنه سمح لهما بالتدخل في شؤونهما في بداية حياتهما معا, ثم اضطرها للوقوف بوجههم جميعا عندما تعبت من ذلك التدخل المضني.

سيشكرها لأنها ربت الأولاد تربية رائعة, و لأنها علمتهم أمور دينهم و أخلاق حميدة و ربطتهم بخالقهم و لأنها اعتنت بعباداتهم و دراستهم و مظهرهم, و سيقول لها بأنه يفخر بهم .

سيخبرها أيضاً بأنه يشتاق إلى أطباقها اللذيذة و إلى تلك المبتكرة و الجديدة, و أنه يشتاق أيضاً إلى أدوات المائدة الحلوة التي تقتنيها.

سيعتذر طويلا عن سهراته و سفره مع أصحابه للترفيه من دونها و لأنه كان يتركها وحيدة مع الأولاد, و أنه كان يشعر بالأسى عندما يرى دموعها و هو يهم بالخروج.

سيخبرها أيضاً بأنه يحب ذوقها في اختيار ملابسه, و سيقرُّ بأنه كان يرى في عيون أصحابه و كلماتهم إعجاباً بما يرتديه من قطع غالية طالما أهدتها له, و سيعتذر أيضاً لأنه كان يتلقى هداياها من الملابس ببرود و تجهم و لأنه كان يرفض أن يقوم بتجربتها عندما تصل بها إلى المنزل حتى تنفجر باكية من تلك قسوته.

سيشكرها أيضاً لأنها صبرت معه عندما أفلس و لأنها ساندته بمالها و لأنها احتملت نكرانه و ازدراءه لمواقفها تلك و لأنه كان يضحك من كل قلبه و هو مع رفاقه و ينسى معنى الضحك أو الابتسام عندما تكون هي معه.

سيعتذر لها أيضاً لأنه لم يقل لها يوما أنه يحبها أو أنه معجب بجمالها أو أناقتها أو حرفها و أن تلك الرجولة هي ما منعه من ذلك.


عندما همَّ بالضغط على الزر الأخضر تجلت له صورتها منتشية سعيدة,
و خشي أن تصاب بغرور يزعزع عرش رجولته,
و رأى أن يؤجل كل تلك الأحاديث لوقت لاحق, و أن يسألها ببساطة عن حال الأولاد من دونه
و رأى أيضاً أن ذلك لن يتنافى و رجولته الحقيقية,
و ابتسم طويلا لفكرته الذكية.

ضغط الزر و ابتسامة النصر ما زالت ترتسم على شفتيه,
رن الجرس في الهاتف,
أصلح من جلسته و اعتدل استعداداً للحديث و قطب جبينه ليمحو أثار شوقه.

لم تتوقف الرنات.. و لم يسمع صوتها يجيبه..
و رفع حاجبيه دهشة و هو يلمح شبح الرجولة يغادر المكان.. و رنات الهاتف ما زالت تتردد فيه.



الكاتبة عبير النحاس




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :
قصة جميلة ومشوقة

احستني الانتقاء حبيبتي



__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :
يعطيك العافية

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

قصة تحكي واقع كثير من الرجال وفهمهم لمعنى الرجولة فهما خاطئا .. اليس لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة في حسن تعامله مع اهله واسرته ؟؟؟!!!!!!!

طرح راقي وانتقاء قيم وموفق .. احسن الله اليك وبارك فيك ..
وافر الشكر والتقدير لك اختي الحبيبة ..

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :