عنوان الموضوع : فتيات في حيرة >> ثرثارة.. لا أستطيع ضبط لساني! لنت السعودية
مقدم من طرف منتديات بنت السعودية النسائي








السؤال:

السلام عليكم أنا كثيرة الكلام، وأريد أن اقلل من كلامي، كما أنني سريعة الرد على الآخرين وخاصة والدتي، أريد حلا علما بأنني معلمة..


الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
بالنسبة لمشكلتك فألخصها في أمرين هما:
مشكلة الثرثرة في الكلام، وسرعة الرد على الآخرين بما فيهم والدتك هي والحمد لله هَيِّنة، ويمكن حَلُّها شَريطة أن تكوني مستعدة للقيام بالخطوات، والإرشادات التي سأقدمها لك وهي كما يلي:

أولا:
حاولي أختي الكريمة أن تُدَرِّبي نفسك كل يوم على الإنصات للآخرين بما فيهم والدتك حفظها الله، أكثر من الحديث إليهم، لأن الإنصات هو أول وسائل الفهم والمعرفة، وهو أول مفتاح لاتساع آفاق التفكير الصحيح، والتوجيه السليم للحديث وللحوار مع الآخرين ..

ثانيا:
تعوَّدي على التَّخَلُّص من سلطتك في إدارة الحديث، وامْتِلاكِ الكلمة، وافْتَحِي المجال للآخرين لمشاركتك التفكير، والحديث، والنقاش، وتبادل الأفكار، فأنت فَرْدٌ داخل مجموعة أفراد، عليك أن تحققي معهم التَّواصل بطريقة تكامُلِيَّة، وليس بطريقة سُلْطَويَّة، أو اسْتِبداديَّة أو قيادِيَّة، وأنت المعلِّمة والمربِّية، فالواجب عليك أن تكوني القدوة في طريقة تفكيرك، وفي أسلوبك ومنهجك في الحديث، وأنت كذلك من تفرضين احترامك على من حولك بحُسْنِ إدارتِك للحوار وللحديث، سواء كان داخل المدرسة أو المؤسسة التعليمية، أو داخل البيت مع أهلك ووالدتك، أو خارج البيت مع من تتعاملين معهم وتتحدَّثين إليهم، ولا تكوني بكُلِّ حالاتِك أنت المنصِتَة وغيرك هو المتحدِّث، ولا أنت المتحدِّثَة وغيرك هو المنصِت، وحينما تتواجدين بين مجموعة لا تسْتَلِمي زمام الحديث بمفردك، وحاولي كبح رغبتك في الإسراف في الكلام، والثرثرة المجَّانية، وتذكَّري بأن خير الكلام ما قلّ ودلّ.

ثالثا:

امْلَئِي وقت فراغك بممارسة أنشطة مفيدة خارج مجال التعليم، واعْمَلِي على استغلال طاقتك في الكلام بشكل جيد، كإلقاء المحاضرات العلمية، أو الدروس والمواعظ الدينية داخل المسجد أو في حلقات النساء داخل البيت، أو ساهمي في تحفيظ القرآن للأطفال أو النساء، أو شاركي في جمعيات خيرية أو علمية أو اجتماعية..، وقدِّمي من خلالها أفكارا جديدة واقتراحات ومساهمات، ترقى بوظيفة المرأة وتؤهِّلُها وتُكَوِّنُها سلوكِيًّا ومعرفِيًّا، للاضطلاع بمسؤولِيَّتِها داخل البيت كزوجة وكأم مربية، وتفعيل عمَلِها داخل المجتمع ومساهمتِها في تنميته، واسْتَغِلِّي طاقة تفكيرك بالقراءة المفيدة، وتلاوة القرآن وحفظه، أو مشاهدة برامج مفيدة تغذِّي إحساسك وروحك، وتصقل شخصيتك بتجارب وخبرات جديدة، وتنمِّي قدراتك المعرفِيَّة وكفاءاتِك العلمية، ومارسي كذلك بعض الهوايات الجميلة، كالكتابة النثرية، أو الشعرية، أو الرسم، أو مساعدة والدتك في تنظيم البيت وترتيبه، أو تهييء بعض وجبات الطعام، أو تقديم حلويات ومشروبات للضيوف وللأسرة، أو التَّسَوُّق وشراء ما تحتاجه والدتك من ملابس أو مستلزمات للبيت، أو القيام بنزهة ورياضة يومية، ولو المشي لمدة زمنية تواظبين عليها، فهي مفيدة جدا لاسترخاء الجسم والعقل، وهي تفسح لك مجالا للتَّخَلُّص من الثرثرة والرد على والدتك، ومن الكبت والقلق والإرهاق النفسي، ومن الشعور بالوحدة والغربة، كما ستمنحك قوة في جسمك، وطاقة جديدة للإقبال على عملك بحيوية، وستمنحك قدرة على التأمل والاستمتاع بمشاهدتك للمناظر الجميلة، وهذا سيرقى بذوقك، وسيمنحك شعورا جميلا يعوِّضُك عن رغبتك الملحة في الكلام والسرعة في الرد، وإحساسا بلذة استنشاق الهواء، وتنظيف العقل والنفس من الشوائب الزائدة على احتياج الجسم من الطعام وفضول الكلام..

رابعا:

اعلمي بأنَّ الإسلام حثَّنا على حِفْظِ اللسان، وعدم إيذاء الناس به، والإكثار من الصمت إلا فيما فيه إرشاد للخير والنصح للمسلمين، والنصوص الواردة في هذا الشأن كثيرة، تحثُّكِ على التوسُّط والاعتدال، وترك الفضولِ من الكلام، لأن ديننا وسط في كل شيء لا إفراط ولا تفريط، وأذكر من هذه النصوص:
- ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ بلسانه وقال لمعاذ رضي الله عنه: ("
كف عليك هذا "، فقال معاذ: " يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟" فقال: " ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو على مناخرهم- إلا حصائد أ لسنتهم ") .

- وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: (قلت: " يا رسول الله، حدثني بأمر أعتصم به"، قال: " قل ربي الله ثم استقم "، قال: قلت: "يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟" فأخذ بلسان نفسه ثم قال: "هذا").
ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال
ا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟ " قال: " بلى يا رسول الله"، قال: "عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلها") .
- ومما أثر من كلام السلف الصالح رحمهم الله: "الكلام أربعة أقسام: قسم هو ضرر محض، وقسم هو نفع محض، وقسم هو ضرر ومنفعة، وقسم ليس فيه ضرر ولا منفعة، أما الذي هو ضرر محض فلا بد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تفي بالضرر، وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فضول، والاشتغال به تضييع زمان، وهو عين الخسران، فلا يبقى إلا القسم الرابع، فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي ربع، وهذا الربع فيه خطر، إذ يمتزج بما فيه إثم، من دقيق الرياء والتصنع والغيبة وتزكية النفس".
- وقال فضيل بن عياض رحمه الله: (
ما حَجٌّ ولا رباطٌ ولا اجتهادٌ أشَدُّ من حَبْسِ اللسان).
- وعن عمر بن عبد العزيز قال:
(
إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت، ويهرب من الناس، فاقتربوا منه، فإنه يُلَقَّن الحكمة) .
وقال رجل لعبد الله بن المبارك:
((
ربما أردتُ أن أتكلم بكلام حسن، أو أحدِّث بحديث فأسكت، أريد أن أُعوِّد نفسي السكوت،
قال:
تُؤْجَرُ في ذلك، وتُشَرَّفُ به)).

خامسا:

اعلمي أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فهذه وصية نبوية، وقاعدة جليلة تنظم حياتك وعلاقاتك بالآخرين بما فيهم والدتك، فلا تُقْحِمي نفسك في كل المواضيع، ولا تناقشي وتجادلي في كل القضايا، وتعوَّدي على أن تسألي نفسك وتريَّثي قبل البدء بالكلام، فهل الزمان والمكان مناسبين لما ستقولينه؟ وهل ردّك على الآخرين هو لمصلحتهم، أم سيتسَبَّب في الإِضْرارِ بهم؟
وهل ما ستقولينه سيفيدهم أو ينفعهم، أو يضيف إليهم رصيدا في المعرفة، أو مشورة أو نصيحة، أو إصلاح أو تغيير؟ فإن كان الجواب بلا، فعليك بالصمت ففيه الخير.

سادسا:

الكلام طاقةٌ كما التفكير، فحاولي أن تعطي لكُلّْ منهما حقَّه الطبيعي لأداء وظيفته، ولا تستخدمي عملية الكلام على حساب العقل أو أكثر من عملية التفكير، وتعَلَّمي فَنَّ توسيع قدراتِك الواعية للعقل، وللأفكار التي تتحرك بداخلك، وبداخل الآخرين، ودَعِيها تنمو وتكبر حتى يتم في النهاية إدراكها على المستوى الواعي كخطاب، حينها سيخرج الكلام متناسقا ومنظما، لأن الحفاظ على الطاقة المستهلكة في الكلام يسمح لطاقة التفكير بالاشتغال بكثافة، وممارسة فن التأمل، وانشغال العقل في تنمية الأفكار، مما ينتج عنه تأخيراً في التدفُّق الطبيعي للكلام أثناء المخاطبة، وهذا مع التدريب عليه يوميا سيشعرك بمتعة التفكير قبل الكلام، وستتعلمين بالتدريج طريقة الحفاظ على العقل والوعي الداخلي وأنت تتكلمين، وكيف تفكرين وتتكلمين وتنصتين بالوقت نفسه، وكيف تحافظين على ترتيب متناسق بين الإنصات أولا ثم التفكير ثانيا ثم الرد ثالثا، كما ستتعلَّمين فَنَّ الممارسة المنتظمة والثَّابِتَة للتَّأَمُّل وللتَّفكير والإنصات في جميع الأوقات .

وختاما:

احرصي أختي الكريمة على وظيفتك التربوية والتعليمية فهي وسام فخر لك، واستشعري قيمة هذه الوظيفة وتأثيرها الإيجابي على تفكيرك، ومنهج حياتك، وطريقة حديثك، وتعاملك وسلوكك، وجاهدي نفسك على عدم العجلة في الحديث، وامنحي من حولك حقهم في مشاركتك، ووقتهم في إنصاتك إليهم، وامنحي نفسك وقتا للتفكير وللفهم حتى تكتمل الصورة في ذهنك قبل أن تُبْدِي رأيك، واعلمي بأن احترام الناس لك يبدأ من احترامهم لطريقة حديثك، ولأسلوبك في التفكير وفي الرد ..
أتمنى أن تطبِّقي هذه الخطوات بصدق وعزيمة قوية، وإن شاء الله ستساعدك في التخلص ممَّا يزعجك من كثرة الكلام والتسرع في الرد على الآخرين وعلى والدتك.
وأختم لقول الشاعر:
الصمت زين والسكوت سلامة *** فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
فإذا ندمت على سكوتـك مرة *** فلتندمن على الكـــلام مرارا

أسأل الله العلي القدير أن يصلح حالك، ويهدي قلبك وعقلك وجوارحك لما فيه الخير، وأن يلجم لسانك بلجام الصمت عن السوء وعن الحرام، وأن يجري الخير والحق على لسانك، ويبعد عنك الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك لبِرِّ والدتك والنجاح في وظيفتك التعليمية وفي بيتك وأسرتك، ويهديك سواء السبيل.





أجاب عنها : صفية الودغيري






>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك غاليتي وجزاك خيرا

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

فإذا ندمت على سكوتـك مرة *** فلتندمن على الكـــلام مرارا

صدق والله .. الله يحفظ الستنا من كل ما لا يفيد ولا ينفع ...

احسن الله اليك وبلغك اعلى المنازل على حسن الانتقاء ياغاليه ..

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :
شاكرة لكما التواجد والتعقيب

دمتما بالقرب كالعادة,,

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :