ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلِيماً حَكِيماً * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيراً * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً } الأحزاب 1 - 3
أي: يا أيها الذي من الله عليه بالنبوة، واختصه بوحيه، وفضله على
سائر الخلق، اشكر نعمة ربك عليك، باستعمال تقواه، التي أنت أولى
بها من غيرك، والتي يجب عليك منها أعظم من سواك، فامتثل
أوامره ونواهيه، وبلغ رسالاته، وأد إلى عباده وحيه، وابذل
النصيحة للخلق .
ولا يصدنك عن هذا المقصود صاد، ولا يردك عنه راد، فلا تطع كل
كافر، قد أظهر العداوة لله ورسوله، ولا منافق، قد استبطن التكذيب
والكفر، وأظهر ضده .
فهؤلاء هم الأعداء على الحقيقة، فلا تطعهم في بعض الأمور، التـي
تنقض التقوى، وتناقضها، ولا تتبع أهواءهم فيضلوك عن الصواب.
{ وَ } لكن { اتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } فإنه هو الهدى والرحمة،
وارج بذلك ثواب ربك، فإنه بما تعملون خبير، يجازيكم بحسب
ما يعلمه منكم، من الخير والشر.
فإن وقع في قلبك أنك إن لم تطعهم في أهوائهم المضلة، حصل عليك
منهم ضرر، أو حصل نقص في هداية الخلق، فادفع ذلك عـن نفسك،
واستعمل ما يقاومه ويقاوم غيره، وهـو التوكل على الله، بأن تعتمد
عـلى ربك، اعتماد مــن لا يمـلك لنفســه ضـرا ولا نفعا، ولا مـوتا
ولا حياة ولا نشورا، في سلامتك من شرهم ، وفـــي إقامة الدين،
الذي أمرت به، وثق بالله في حصول ذلك الأمر على أي حال كان.
{ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً } توكل إليه الأمور، فيقوم بها، وبما هــو أصلح
للعبد، وذلك لعلمه بمصالح عبده من حيث لا يعلم العبد، وقدرته على
إيصالها إليه، من حيث لا يقدر عليها العبد، وأنــه أرحـم بعبـده مــن
نفسه، ومن والديه، وأرأف به من كل أحد، خصوصا خواص عبيده،
الذين لم يزل يربيهم ببره ، ويدر عليهــم بركاته الظاهرة والباطنة ،
خصوصا وقد أمره بإلقاء أموره إليه، ووعده، فهناك لا تسأل عــن
كل أمـر يتيسر ، وصعب يسهل ، وخطوب تهون ، وكروب تزول ،
وأحوال وحوائج تقضى، وبركات تنزل، ونقم تدفع، وشرور ترفع.
وهناك ترى العبد الضعيف، الذي فوض أمره لسيده ، قــد قام بأمور
لا تقوم بها أمة من الناس، وقد سهل الله عليه ما كان يصعب
على فحول الرجال وبالله المستعان.
الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
( ص657 ) للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ