عنوان الموضوع : مفاتيح السعادة وجلاء الأحزان
مقدم من طرف منتديات بنت السعودية النسائي
مفاتيح ط§ظ„ط³ط¹ط§ط¯ط© ظˆط¬ظ„ط§ط، الأحزان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد..
إن من أعظم الوسائل الشرعية التي تعين العبد على ط§ظ„ط³ط¹ط§ط¯ط© ظˆط¬ظ„ط§ط، أحزانه وهمومه الإلمام التام بمفاتيح ط§ظ„ط³ط¹ط§ط¯ط© التي تجمع له خير الدنيا والآخرة وتفتح قلبه ليحصد ثمارها وينعش نفسه التواقة لعبيرها ومباهجها، وطريقنا لبيان هذه المفاتيح يدل عليه قول النبي - صل الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح" عند الله خزائن الخير والشر مفاتيحها الرجال فطوبى لمن جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر و ويل لمن جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير. " انظر حديث رقم: 4108 في صحيح الجامع.
يقول ابن القيم في كتابه القيم حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ما نصه:
قد جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحا يفتح به فجعل مفتاح الصلاة الطهور كما قال مفتاح الصلاة الطهارة
ومفتاح الحج الإحرام
ومفتاح البر الصدق
ومفتاح الجنة التوحيد
ومفتاح العلم حسن السؤال حسن الإصغاء
ومفتاح النصر والظفر الصبر
ومفتاح المزيد الشكر
ومفتاح الولاية المحبة والذكر
ومفتاح الفلاح التقوى
ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة
ومفتاح الإجابة الدعاء
ومفتاح الرغبة في الآخرة الزهد في الدنيا
ومفتاح الإيمان التفكر فيما دعا الله عباده إلى التفكر فيه
ومفتاح الدخول على الله إسلام القلب وسلامته له والإخلاص له في الحب والبغض والفعل والترك
ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب
ومفتاح حصول الرحمة الإحسان في عبادة الخالق والسعي في نفع عبيده
ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار والتقوى
ومفتاح العز طاعة الله ورسوله
ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل
ومفتاح كل خير الرغبة في الله والدار الآخرة
ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الأمل"
وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم وهو معرفة ظ…ظپط§طھظٹط* الخير والشر لا يوفق لمعرفته ومراعاته إلا من عظم حظه وتوفيقه فإن الله سبحانه وتعالى جعل لكل خير وشر مفتاحا وبابا يدخل منه إليه كما جعل الشرك والكبر والأعراض عما بعث الله به رسوله والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحا للنار وكما جعل الخمر مفتاح كل إثم وجعل الغنى مفتاح الزنا وجعل إطلاق النظر في الصور مفتاح الطلب والعشق وجعل الكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان وجعل المعاصي مفتاح الكفر وجعل الكذب مفتاح النفاق وجعل الشح والحرص مفتاح البخل وقطيعة الرحم وأخذ المال من غير حله وجعل الأعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة وضلالة.
وهذه الأمور لا يصدق بها إلا كل من له بصيرة صحيحة وعقل يعرف به ما في نفسه وما في الوجود من الخير والشر فينبغي للعبد أن يعتني كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح وما جعلت المفاتيح له والله ومن وراء توفيقه وعدله له الملك وله الحمد وله النعمة والفضل لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. اهـ
قلت:فكن أخي القاريء من أهل الخير والفضل بالعمل بهذه المفاتيح لجلب البهجة والسعادة على القلب و النفس معاً والله المستعان.
1- مفتاح الطمأنينة والسكينة ذكر الله
لاريب أن النفس تطمئنُّ إلى ما يطمئِنُّ إليه القلب، والقلب يطمئن بذِكْر الله؛ كما قال - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
ومِن ثَمَّ، لا مندوحة من كَثْرة الذِّكر؛ لِمَا له من الفوائد العظيمة في صَلاح النَّفس والقلب معًا فضلاً عن جلاء ط§ظ„ط£ط*ط²ط§ظ† وفي الحديث الصحيح قال - صل الله عليه وسلم -: "قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير منهم" - (أخرجه البخاري ومسلم).
فعليك أخي المسلم بالأذكار المختلفة في ذهابك وإيابك "في الصباح والمساء" لا تغفل عن ذكر الله ولا يفتر لسانك عن التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل فإن ذلك من علامات حياه القلوب لأن القلب الذي لا يذكر الله قلب ميت كما قال - صلى الله عليه وسلم - "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت" أخرجه البخاري (11/ح6407/فتح).
واعلم - أخي القارئ - أنَّ الذَّاكر لله تعالى قريبٌ من ربِّه والقريب من الله في جَناب رَحْمته وكرَمِه، تَستغفر له ملائكتُه،، وتَسْمُو نفْسُه بِقُربِها من الله تعالى ولاشك أن السعيد من يكون قريباً من الله تعالى والشقي هو البعيد عنه - جل وعلا.
قال النوويُّ في كتابه "الأذكار" (1/ ص 10) ما مُختصَره:
"الذِّكر يكون بالقلب، ويكون باللِّسان، والأفضل منه ما كان بالقَلْب واللِّسان جميعًا، فإنِ اقتصر على أحدِهِما فالقلب أفضل، ثُمَّ لا ينبغي أن يَتْرك الذِّكر باللِّسان مع القلب؛ خوفًا من أن يُظَنَّ به الرِّياء، بل يَذْكر بهما جميعًا، ويقصد به وَجْه الله تعالى".
وقال ابن القيِّم - رحمه الله تعالى - في "الوابل الصَّيِّب من الكَلِم الطيِّب"، (1/ ص56) عن فوائد الذِّكر ما مُختصَرُه:
"ولا ريب أنَّ القلب يَصْدأ كما يصدأ النُّحاس والفِضَّة وغيرهما، وجِلاؤه بالذِّكر، فإنه يَجْلوه حتى يَدَعَه كالمِرْآة البيضاء، فإذا ترك صَدِئ، فإذا ذكَر جلاه.
مَن كانت الغفلةُ أغلبَ أوقاته كان الصَّدأ مُتَراكبًا على قلبه، وصدَؤُه بحسب غفلته، وإذا صَدِئ القلب لم تَنْطبع فيه صُوَر المعلومات على ما هي عليه، فيرى الباطل في صورة الحقِّ، والحقَّ في صورة الباطل؛ لأنَّه لَمَّا تراكَم عليه الصَّدَأ أظْلَمَ فلم تَظْهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه، فإذا تراكم عليه الصدأ واسودَّ ورَكِبه الرَّان، فسَد تصَوُّره وإدراكه، فلا يَقْبل حقًّا ولا يُنْكِر باطلاً، وهذا أعظم عقوبات القلب.
وأصل ذلك من الغفلة واتِّباع الْهَوى؛ فإنهما يَطْمِسان نور القلب ويعْمِيان بصَره؛ قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].
فإذا أراد العبد أن يَفْتدي برجل فَلْينظر: هل هو من أهل الذِّكر أو من الغافلين؟ وهل الحاكِمُ عليه الهوى أو الوحي؟
فإن كان الحاكم عليه هو الْهَوى وهو من أهل الغَفْلة، كان أمره فرُطًا، ومعنى الفرُطِ قد فُسِّر بالتضييع؛ أيْ: أمْرُه الذي يجب أن يَلْزَمَه ويقوم به، وبِه رشْدُه وفلاحه ضائع قد فرط فيه، وفُسِّر بالإسراف؛ أيْ: قد أفرط، وفُسِّر بالإهلاك، وفُسِّر بالخلاف للحقِّ، وكلها أقوال متقارِبَة، والمقصود أنَّ الله - سبحانه وتعالى - نَهى عن طاعة مَن جَمَع هذه الصِّفات.
فينبغي للرَّجل أن ينظر في شيخه وقُدْوته ومَتْبوعه، فإنْ وجَده كذلك فلْيبْعد منه، وإنْ وجَدَه ممن غلب عليه ذِكْر الله - عزَّ وجلَّ - واتِّباع السُّنة، وأمره غير مَفْروط عليه، بل هو حازم في أمره - فلْيَستمسك بِغَرْزِه، ولا فرق بين الحيِّ والميت إلاَّ بالذِّكر، فمَثَل الذي يَذْكر رَبَّه والذي لا يذكر ربَّه كمثَل الحيِّ والميت.
ثم ذكر - رَحِمَه الله تعالى - عشرات من فوائد ذِكْر الله تعالى، والتي فيها صلاحُ القلوب والنُّفوس، نَذْكر بعضها هنا، والله المستعان:
1- أنَّه يَطْرد الشَّيطان ويقمعه ويكسره.
2- أنه يُرْضي الرحمن - عزَّ وجلَّ.
3- أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
4- أنه يَجْلب الرِّزق.
5- أنه يكسو الذَّاكر المهابة والحلاوة والنضرة.
6- أنه يورثه المَحبَّة التي هي رُوح الإسلام وقُطْب رحَى الدِّين، ومدار ط§ظ„ط³ط¹ط§ط¯ط© والنَّجاة، وقد جعل الله لكلِّ شيء سببًا، وجعل سبب المَحبَّة دوام الذِّكر، فمن أراد أن يَنال مَحبَّة الله - عزَّ وجلَّ - فلْيَلْهَج بذِكْره؛ فإنه الدَّرس والمذاكرة كما أنه باب العلم، فالذِّكْر باب المَحبَّة وشارعها الأعظم وصِرَاطها الأقوم.
7- أنَّه يورثه المراقبة حتى يُدْخِله في باب الإحسان، فيَعْبد الله كأنَّه يراه، ولا سبيل للغافل عن الذِّكر إلى مقام الإحسان، كما لا سبيل للقاعد إلى الوصول إلى البيت.
8- أنه يورثه الإِنَابة، وهي الرُّجوع إلى الله - عزَّ وجلَّ - فمتَى أكثر الرُّجوع إليه بِذِكْره أورَثَه ذلك رجوعَه بقلبه إليه في كلِّ أحواله، فيَبْقى الله - عزَّ وجلَّ - مَفْزَعَه وملجَأَه، ومَلاذَه ومَعاذَه، وقِبْلةَ قلْبِه، ومَهْرَبه عند النوازل والبلايا.
9- أنَّه يورثه الهيبة لربِّه - عزَّ وجلَّ - وإجلالَه؛ لشدَّة استيلائه على قلبه، وحضوره مع الله تعالى، بخلاف الغافل، فإنَّ حجاب الهيبة رقيقٌ في قلبه.
10- أنَّه يورثه ذِكْرَ الله تعالى له؛ كما قال - تعالى -: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152]
ولو لم يكن في الذِّكر إلاَّ هذه وحدها لكَفى بها فضلاً وشرفًا، وقال - صلَّى الله عليه وسلم - فيما يَرْوِي عن رَبِّه - تبارك وتعالى -: ((مَن ذكَرَني في نفْسِه ذكرتُه في نفسي، ومن ذكَرني في مَلأٍ ذكَرْتُه في ملأٍ خير منهم)).
2- مفتاح الإجابة والتوفيق الدعاء لله تعالى
من سبل تحقيق ط§ظ„ط³ط¹ط§ط¯ط© القلبية أن يوفق الله العبد لما يحبه ويبتغيه في هذه الدار الفانية،فتتحقق أحلامه ويستجيب الله تعالى له لدعائه وييسر له أمره،والدعاء عبادة يثاب العبد عليها، وينبغي لمن أراد ط§ظ„ط³ط¹ط§ط¯ط© أن يجتهد في الدعاء وليتذكر إنه سبحانه وتعالى هو القائل في كتابه الكريم ﴿ أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ... ﴾ [النمل: 62].
ولكن حذار من الاستعجال بالإجابة لأنه مفتاح يحتاج إلى صبر ويقين وتقوي لله تعالى.
• أخرجه مسلم في صحيحه: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال "لا يزال يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم مالم يستعجل قيل: يا رسول الله، وما الاستعجال؟
قال يقول قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء"
قال النووي في شرح مسلم:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت فلا - أو فلم - يستجب لي) وفي روايةلا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول:
دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء) قال أهل اللغة: يقال: حسر واستحسر إذا أعيا وانقطع عن الشيء، والمراد هنا أنه ينقطع عن الدعاء، ومنه قوله تعالى:﴿ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 19] أي: لا ينقطعون عنها. ففيه: أنه ينبغي إدامة الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة. اهـ
واجعل هذا الدعاء الذي علمك إياه الحبيب - صلى الله عليه وسلم - دائماً على لسانك في صلاتك وقنوتك، في ذهابك وإيابك "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد" فهو دعاء عظيم لو أستجاب الله لصاحبه لأصلح قلبه وأنار بصيرته وحفظه من كل سوء.
ولا تنسَ أن الدعاء؛ هو مُخُّ العبادة، والْتَمِسْ أوقاتَ الإجابة، مثل: بعد الصلوات المفروضة، وفي الثُّلث الأخير من الليل، وفي السجود لله - تعالى - وعند نزول الغَيْث، وغير ذلك، واعلم أنَّ الله على كل شيءٍ قدير؛ قال - تعالى -: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].
وهو دليل على افتقارك إلى الله تعالى وهو المؤشر على حقيقة إيمانك وفيه جلاء أحزانك وهمومك فالمؤمن يفتقر إلى الله دائماً فهو الغني الحميد.
3- مفتاح الفلاح والصلاح الرفقة الصالحة
الرفقة الصالحة مع أهل الورع والتقوي تعين المرء على الشعور بالسعادة والمضي قدماً للأمام رغم الفتن والمعاصي التي تحيط به من كل جانب لأن القلب يطمئن بكثرة الذكر لله وهم أهل ذكر، وسبحان من جعل الأرواح جنود مجندة لا تستريح إلا ممن وافق طبعها حتى أنه روي في الأثر:
• لو أن مؤمناً دخل في مجلس فيه مائة منافق، بينهم مؤمن واحد، لجلس بجوار المؤمن وهو لا يعرفه.
ولقد حث النبي على الرفقة الصالحة والجليس الصالح فقال:
"مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة" أخرجه البخاري.
4- مفتاح الاستقامة محاسبة النفس وتقويمها
وبادئ ذي بدء نقول:أن القلب هو المركز الرئيسي الذي يحرك بقية الجوارح ويلهمها وسلامته من الآفات والعيوب يؤدي قطعاً لصحة العقيدة وثبات الإيمان فيه مما يؤثر على الجوارح كلها،ولهذا نستطيع أن ندرك عظمة هذا الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له (عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ).
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
وهناك سؤال: فماذا يحدث عندما يهمل العبد محاسبة نفسه ويترك لقلبه العنان؟
نظرة إلى الواقع الذي نعيش فيه هذه الأيام نجد المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله!
يرتشي ويختلس ويسرق ويغتاب ويزني ويترك الصلاة أو يتكاسل عنها.. الخ
ويزعم بعدها أن قلبه يخاف من الله تعالى!
وما أجمل ما قاله الشاعر العربي:
إذاً هناك خلل في صدق الإيمان في القلب وهناك نفاق ظاهر فيه؟
وهذا الخلل يؤدي إلى التناقض في شخصية المسلم.. بين دينه ودنياه.. بين حبه لله ورسوله -صلي الله عليه وسلم..
وبين التطبيق العملي للوحيين في حياته الدنيوية..
وبناء على ما سبق أن أراد العبد ان يستقيم قلبه وينصلح حاله أن يبدأ في تغيير حياته من المعصية للطاعة ومن السلبية في محاسبة النفس إلى الايجابية بتروضها على الاستقامة.
وله عند الله - تعالى - ثلاث جوائز أن أفلح
قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].
والجوائز كما هو واضحاً جلياً في الآية نزول الملائكة وما في ذلك من رحمة واستجابة للدعاء،وذهاب الخوف والحزن من القلب،والبشري بالجنة وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
5- مفتاح سلامة القلب التخلص من آفاته
للقلب أفات تصيبه تفسد سلامته وتذهب بنقاوته وطهارته ولابد من التخلص منها حتى لا يسقم بآفاته تلك وهي كثيرة منها الكبر والحسد والغيظ والحقد.. الخ.
ولكن كل أمراض القلوب لها علاج وأمراض القلوب كما يقول ابن القيم في "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" نوعان:
نوع لا يتألم به صاحبه في الحال، كمرض الجهل، ومرض الشبهات والشكوك، ومرض الشهوات.
وهذا النوع هو أعظم النوعين ألما، ولكن لفساد القلب لا يحس بالألم، ولأن سكرة الجهل والهوى تحول بينه وبين إدراك الألم، وإلا فألمه حاضر فيه حاصل له، وهو متوار عنه باشتغاله بضده، وهذا أخطر المرضين وأصعبهما. وعلاجه إلى الرسل وأتباعهم، فهم أطباء هذا المرض.
والنوع الثاني: مرض مؤلم له في الحال، كالهم والغم والحزن والغيظ، وهذا المرض قد يزول بأدوية طبيعية، كإزالة أسبابه، أو بالمداواة بما يضاد تلك الأسباب، وما يدفع موجبها مع قيامها، وهذا كما أن القلب قد يتألم بما يتألم به البدن ويشقى بما يشقى به البدن، فكذلك البدن يتألم كثيرا بما يتألم به القلب، ويشقيه ما يشقيه.
فالغيظ يؤلم القلب، ودواؤه في شفاء غيظه، فإن شفاه بحق اشتفى، وإن شفاه بظلم وباطل زاده مرضا من حيث ظن أنه يشفيه، وكذلك الغم والحزن أمراض للقلب، وشفاؤها بأضدادها: من الفرح والسرور، فإن كان ذلك بحق اشتفى القلب وصح وبرئ من مرضه، وإن كان باطل توارى ذلك واستتر، ولم يزل، وأعقب أمراضا هي أصعب وأخطر.
وكذلك الجهل مرض يؤلم القلب. فمن الناس من يداويه بعلوم لا تنفع، ويعتقد أنه قد صح من مرضه بتلك العلوم، وهي في الحقيقة إنما تزيده مرضا إلى مرضه، لكن اشتغل القلب بها عن إدراك الألم الكامن فيه، بسبب جهله بالعلوم النافعة، التي هي شرط في صحته وبرئه.
والمقصود: أن من أمراض القلوب ما يزول بالأدوية الطبيعية، ومنها ما لا يزول إلا بالأدوية الشرعية الإيمانية، والقلب له حياة وموت، ومرض وشفاء، وذلك أعظم مما للبدن.
والقلب الغليظ لن ينفعه ترغيب.. قال تعالى ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28]
﴿ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 29].
• وقال تعالى ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ [البروج: 12].
ومن ثم ينبغي العناية بتطهير القلب من الآفات دوماً حتى لا تتكاثر عليه فيسقم أو يموت وما في ذلك من هلاك صاحبه وضياع ثوابه في الدارين
6- مفتاح النجاح والفلاح التوكل على الله
إن حقيقة التوكل ومفهومه السليم غلط في عقول وقلوب الكثير من العباد إلا من رحم الله تعالى.
ولان من الناس من أغتر برحمة الله وحسن الظن به دون عمل أو طاعة.
ولأن منهم من ترك الأخذ بالأسباب وتواكل على رب الأرباب..
ولأن منهم من يتحجج بالقدر ليبرر به ما يرتكبه من معاصي وذنوب..
لهذا كله وغيره لا عجب أن تصاب قلوب هؤلاء بالأحزان والهموم.
والبداية الصحيحة أن يعرف الإنسان حقيقة التوكل ويروض قلبه ونفسه على التوكل الحق ولا يتواكل عليه تاركاً الأسباب والمسببات.
يقول الغزالي في الإحياء: التوكل مشتق من الوكالة يقال وكل أمره إلى فلان أي فوضه إليه واعتمد عليه.. فمعنى التوكل هو اعتماد القلب على الوكيل وحده في كل شيء. انتهى
هذا والإنسان بطبيعته خلق ضعيفاً..
فربما تغلق أمامه كل الأبواب ويفقد الأمل في تحقيق آماله وأحلامه، ويصاب قلبه بالإحباط واليأس وتصيبه الهموم والغموم..
ويصبح عاجزاً لا حول له ولا قوة.
إلى من يلجأ؟!
فأي مخلوق مثله عاجز ويفتقر إلى الله. أذاً ليس أمامه إلا من بيده الأسباب والمسببات، الذي آمره بعد الكاف والنون..
أن أراد شيئاً فإنما يقول له "كن فيكون"
هذه هي حقيقة التوكل على الله بين العبد وربه..
العبد الذليل يتضرع إلى الرب الجليل.
العبد الفقير يسأل الرب الغني.
العبد الضعيف يستغيث بالرب القوي.. فلا ملجأ له إلا إليه سبحانه فهو القادر على كل شيء..
هو وحده الذي يكشف السوء عن عباده ويفك الكرب عنهم ويفتح لهم أبواب الرزق، ويشرح صدورهم إلى الحق والإيمان ويذهب من قلوبهم الهموم والأحزان..
ومن يتوكل عليه فقد أفلح وفاز، ومن لجأ وتوكل على غيره فقد خسر وخاب وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال تعالى:﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]
وقال تعالى ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58].
والمتوكل على الله حق توكله ليس له ثواب إلا الجنة وربما كان من الذين يدخلون الجنة بغير حساب كما قال - صلى الله عليه وسلم -في الحديث الصحيح. عندما أخبر الصحابة رضى الله عنهم أجمعين بأن هناك من أمته سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب أو عذاب فسألوه عنهم فقال: "هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" (أخرجه البخاري11/ح6541/ فتح) ومسلم (1/ إيمان /199/ح/374).
ومعنى يتطيرون: أي يتشأمون، والمقصود بعدم الرقى في الحديث الذي فيه شرك ودجل وبغير كلام الله واللسان العربي.
كما إن الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو لنا أسوة حسنة أنه كان يتوكل على الله تعالى في كل أموره وأحواله..
فكان إذا أراد الخروج من المنزل يقول: "بسم الله توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي" أخرجه أبو داود (4/ح5094) وإسناده صحيح.
وهذا دعاء شامل يتوكل فيه الإنسان على خالقه من خروجه من المنزل حتى عودته من الضلال والزلل والظلم والجهل في يومه هذا.
ثم إن أراد المرء أن ينام ويأوي إلى فراشة لا ينس أن يتوكل على الله بقلبه وروحه قائلاً ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم -يقوله عند النوم: "اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجاْ ولا منحا إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت" أخرجه البخاري (11/ح6315/فتح) ومسلم (4/ذكر/2081-2082/ح56).
ومن ثم.. فأن التوكل على حقيقته فريضة ربانية وعلى المرء أن يتوكل على الحي القيوم حق توكله بكل قلبه وجوارحه فهو بيده مقادير كل شيء ...
فإذا أصاب جسده الأمراض والابتلاءات فليقل حسبي الله ونعم الوكيل...
وإذا حلت به مصيبة في النفس أو المال فليقل حسبي الله ونعم الوكيل. وهكذا.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقى في النار، وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا:حسبنا الله ونعم الوكيل" أخرجه البخاري (8/ح4563/ فتح).
وهناك أمر على جانب عظيم من الخطورة دائما ما يتعلق القلب به لهوي أو ضعف إيمان وينبغي الحذر منه لأنه يجلب الاحزان والآلام لما فيه من ضلال وآثام في الدنيا والآخرة إلا وهو الاغترار برحمة الله وحسن الظن به.
وأكرر هذا أمر على جانب عظيم من الخطورة ولا أغالي إن قلت أن هناك مئات الألوف إلا من رحمه الله يغتر برحمة الله وبحسن الظن به ويتواكل عليه ولا يجتهد في الطاعات ولا يحترز من المعاصي، بل هو غارق فيها من رأسه إلى قدمه ومع ذلك يقول لك أنا قلبي أبيض والله غفور رحيم..!!
قلبه أبيض وهو لا يصلي!!
.. قلبه أبيض وهو لا يصوم رمضان!!
قلبه أبيض من يشرب الخمر ويلعب الميسر مالهم كيف يحكمون!!
قال تعالى: ﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ [فصلت: 23].
ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي أمامه قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة فقالت "لو رأيتما رسول الله في مرض له وكانت عنده ستة دنانير أو سبعة دنانير فأمرني رسول الله أن أفرقها فشغلني وجع رسول الله حتى عافاه الله ثم سألني عنها فقال: ما فعلت؟ أكنت فرقت الستة الدنانير؟ فقلت لا والله لقد كان شغلني وجعك قالت: فدعا بها فوضعها في كفه فقال "ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده" وفي لفظ "ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده" أخرجه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة (1014).
النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده ستة دنانير لا يدري ظن الله به عندما يموت وهي عنده وقد غفر الله له ما تقدم وما تأخر من ذنبه فماذا يكون حال الذي يسرق ويختلس ويأكل أموال الناس بالباطل..؟!
وكيف يكون ظنه بربه، وقد تساوى الحلال والحرام عنده وحسبنا الله ونعم الوكيل.
يقول أبن القيم في "الداء والدواء" "فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لا أشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه، فما ينفع المجرم أسمائه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته، ووقع في محارمه وانتهك حرمانه، بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع وبدل السيئة بالحسنة واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة ثم أحسن الظن بعدها فهذا هو حسن الظن والأول غرور والله المستعان".
وبعد هذه بعضاً من المفاتيح التي يستطيع المرء أن يجتهد على أمرارها على القلب والتمسك بها وترويض نفسه علي العمل بها لأنها تؤدي إلى صلاح القلوب واستقامتها علي طريق الله - تعالى - وجلاء أحزانها وبالتبعة تستقيم جوارحه.
أيضاً لأنه أن صلح القلب صلحت جوارحه ما في ذلك من سعادة المرء وفلاحه في الدارين.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وآله وسلم وصحبه أجمعين
كاتبه سيد مبارك جزاه الله خيراً
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
موضوع قيم اشتمل على مفاتيح عظيمة المعاني ماإن تستقر بنفس المسلم ويعمل بها بعد توفيق الله وتيسيره الاويسعد في دينه ودنياه واخرته ..
احسن الله اليك ورفع قدرك على جميل الانتقاء ياغاليه ..
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
بارك الله فيك وجزاك خير
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :