عنوان الموضوع : متى يذوق العبد طعم السعادة الشريعة
مقدم من طرف منتديات بنت السعودية النسائي
متى ظٹط°ظˆظ‚ ط§ظ„ط¹ط¨ط¯ طعم السعادة
معاشر المؤمنين.. وصية الله -سبحانه وتعالى- لكم في كل آن وحين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
إخوة الإسلام.. نرى في بقاع شتى من بلادنا العربية والإسلامية هجوماً شرساً على معالم الدين وهوية الإسلام ومقدسات المسلمين، تتجلى في صور كثيرة ربما نراها جلية واضحة في أرض المسرى في بلاد الشام وهنا وهناك، ولعلنا كثيراً ما نفكر في ذلك وكيف ينبغي أن تكون مواقفنا وأحوالنا.
وهنا أنقلكم إلى حديثي اليوم.. أبتدئه بكلمة سمعتها من أتون المحنة ومن وسط المعاناة أعجبتني وذكرتني ورأيت فيها أمرين عظيمين سأجعلهما موضع تذكيرنا في هذا المقام، قال هذا القائل في مثل أحداثنا: "لئن ملكوا بالقوة شيئاً من أمر دنياي فإني أملك أمر آخرتي، فإن ظلموني أو سجنوني أو عذبوني فلا أبالي، ولن أقول ولن أفعل شيئاً يضر بآخرتي، فتلك دنيا لا أبالي بما فيها، وتلك أخرى لا أفرّط بشيء فيها، فإنني موقوف بين يدي الله ومسئول عن كل كلام قلته، وعن كل موقف وقفته، وعن كل مال اكتسبته"..
وهي كلمات مفعمة بروح الإيمان مشعة بنور الرضا، ثابتة بثبات اليقين وهي تعطينا أمرين مهمين ينبغي لنا العناية بهما، لا ينبغي أن يكون أمر الدنيا مستولياً على القلوب وهو الذي يدخل الخوف فيها، ويزرع الرعب في جوانبها وينزع ط§ظ„ط³ط¹ط§ط¯ط© من أنحائها، والأمر الآخر أن يكون الهمّ الأكبر والفكر الأعظم والتوجه الألزم نحو ما يكون من الآخرة وكيف سنلقى ربنا.
ذاك إذا استولى على قلوبنا هانت معه الدنيا بكل ما فيها، فإن ملكوا شيئاً من أمر الدنيا بقوة أو سطوة؛ فلا ينبغي أن نبدل من ديننا أو أن نغير من مواقفنا بما يسخط ربنا، أو أن نكون عوناً على أهل الحق مع أهل الباطل، أو غير ذلك من الصور الخطيرة المريعة التي تذهب الخير والبركة من دنيانا كما أنها تجعل الخطر والحذر في أخرانا.
ولئن كانت هذه الكلمات قد سمعتها بالأمس، فإني أعود بكم سبعة قرون لأنقلكم ولأقول لكم كلمات لن تجدوا بينها وبين هذه فرقاً البتة؛ لأنها كلها تخرج من معين واحد وتنهل من مصدر واحد، وتشع بنورها من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
الإمام ابن القيم يحكي لنا في كلمات رائعة بديعة بعضاً من قصة ووصف شيخه ابن تيمية، فها هو يخبرنا عنه عندما سجن في القلعة، قال: "فكان يقول: ما يصنع بي أعدائي، أنا جنتي في صدري، فإن رحت فهي معي لا تفارقني، فإن حبسي خلوة وقتلي شهادة، ونفيي عن بلدي سياحة".
قال: وكان يقول في محبسه بالقلعة: "لو بذلت ملء هذه القاعة ذهباً ما جزيتهم على ما تسببوا لي من الخير" –أي: في هذه الخلوة التي جعلها لطاعة الله -سبحانه وتعالى-.
وقال ابن القيم: "وقال لي مرة المحبوس من حُبِس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه"
تعريفات مختلفة ليست مسلسلة بالقيود الدنيوية ليست محدودة بالنظرة المادية تتجاوز ذلك إلى آفاق رحبة واسعة من الإيمان واليقين والرضا والتسليم والسعادة والراحة، وإن فُقدت أسبابها المادية، وإن تكالبت على المرء أسباب العداء والتضييق.
قال: ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه –أي: إلى السور- وقال: (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ) [الحديد: 13].
فيما نقول نستنتج مرة أخرى: أن الأمانة والأمن والسعادة والراحة ليست مرتبطة في الحقيقة بالدنيا، ولا بالظروف المحيطة حتى لو اسودت وأغلقت، وكانت على أسوأ أحوالها؛ فإنك إن آمنت أن سعادتك في قلبك، وأن سكينتك في نفسك، وأن الإيمان يسكب الرضا والتسليم في نفسك وروحك، فلن يتغير شيء من سعادتك، كنت طليقاً أو كنت مسجوناً، كنت مرتاحاً أو كنت مضيقاً عليك، وتلك نعمة فريدة لا يدركها إلا من ذاقها، ولا يستطيع أن يفهمها من لم يدرك حقائقها الإيمانية، ومنطلقاتها الروحية وأسسها التعبدية؛ لأن ط§ظ„ط¹ط¨ط¯ إذا تعلق بآخرته، وإذا جعل وجهته رضا مولاه؛ هان في أمره وفي ظنه وفي فكره كل شيء إلا ذاك الرضا الذي يقصده، ولن يأبه بأيّ أمر يفوته إلا ما كان من تقصير يقطعه عن ربه أو يبطئ في مسيره إليه..
ولذلك أستحضر هنا كلمة للإمام الجوزي -رحمه الله- يذكر فيها أبياتًا شعرية لمجنون ليلى قال: فكان يقول:
إذا قيل للمجنون: ليلى تريد *** أم الدنيا وما في طواياها؟
لقال: غبار من تراب نعالها *** أحب لنفسي وأشفى لبلواها
قال ابن الجوزي: وذلك مذهب المحبين بلا خلاف، فمن أحب الله ورسوله كان أدنى شيء منهما عنده أعظم من كل موجود، ثم استشهد بقول يوسف -عليه السلام- يوم فتن بفتنة النساء ودُعِي إلى ألذ الشهوات فقال: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) [يوسف: 33]
فأحب ما فيه نجاته وأحب ما فيه عصمته من مخالفة أمر ربه، وأحب أن يكون في ظلمة السجن دون أن يكون في نور المعصية وبهرج الشهوة، والعياذ بالله.
"ما يفعل أعدائي بي؛ فإن سجني خلوة، وإن قتلي شهادة، وإن نفيي عن بلدي سياحة"، من كان هذا يقينه، ومن كانت هذه أفكاره، ومن كانت هذه نفسيته من يستطيع مواجهته، ولعلي لا أترككم هنا بل أنتقل بكم لنعرف المعين والمصبّ، أنتقل بكم سبعة قرون أخرى إلى الوراء، لنقف في مشهد عظيم من المشاهد النادرة في تاريخ البشرية جمعاء، مشهد لتلميذ من تلاميذ مدرسة النبوة، مشهد لصحابي تربى على يدي سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، يوم بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- عشرة من أصحابه إلى وسط الجزيرة في غزوة تسمى غزوة ذات الرجيع فذهبوا وغُدر بهم، قُتل سبعة منهم ثم قيل لثلاثة: انزلوا على الأمان، ولكم الأمان، فرأوا الغدر، فقاتل أحدهم فقتل، وبقي اثنان وقتل أحدهما..
وبقي الأخير الذي نضرب به المثل، ونستقي منه العبرة ونرى أنه امتداد لهذا المعنى العظيم الجليل الذي يجعلنا نواجه صعاب الدنيا كلها بثبات أرسخ من الجبال الراسخة وبرضى أعظم سعادة مما يظن أنه أعظم سعادة في هذه الدنيا: خبيب بن عدي الأنصاري -رضوان الله عليه- أُسر في هذه السرية، وهو في أسره قبل أن أذكر الموقف جاءته المرأة التي تريد قتله بزوجها الذي كان قد قتله يوم بدر، فإذا بيده قطف من عنب، وليس في مكة عنب قد أفاض الله عليه من نعمته، وجاءه مرة غلام مِمن أسره فأخذه مترحماً به في حجره فخافت أمه أن يقتله فما فعل به شيئاً، لنرى نموذج الشخصية ثم جاءوا به للموقف الأخير والمشهد الأخير ليقتل صلباً، فتدق يداه ورجلاه على جذع الشجر ثم يقتلونه مصلوباً، في هذه اللحظات لا يمكن لأحد أن يظهر شيئاً خلاف ما في قلبه، ولا أن يستطيع أن يتكلف أمراً ليس في حقيقته، قالوا: هل تطلب شيئاً قبل أن تودع دنياك؟
قال: نعم، وطلب أن يصلي ركعتين، لم يفكر في زوجة ولا في ابن ولا في مال ولا دار، فصلى ركعتين أفضى فيهما بقلبه إلى ربه، ونسي فيها أمر هؤلاء المحيطين به، ومصيره الذي ينتظر، وهام في أشواق من صلته بربه ومناجاته لمولاه، لم تعد الدنيا ولا من فيها ولا ما فيها يعنيه في أمره شيء ولما قضى صلاته، قال: لولا أن تظنوا أن بي جزعاً من الموت لصليت وصليت، فقال أحدهم له مختبراً: :أتود أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- مكانك وأنت آمن في أهلك ودارك؟
فقال: والله لا أحب أن أكون آمناً في أهلي وداري ويصاب محمد -صلى الله عليه وسلم- بشوكة"، فلما أرادوا صلبه وقتله قال مقولته العظيمة وأبياته السائرة:
وما بي حذار الموت إني لميت *** ولكن حذاري جحم نار ملفع
ولست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرع
وذلك في ذات الإله وإن يشأ***يبارك على أوصال شلوٍ ممزع
لست أبالي بالدنيا وما سيجري فيها، ولكني أفكر وأخشى الآخرة وعذاب النار والعياذ بالله، ولست أبالي حين أقتل مسلماً ثابتاً على ديني مستمسكاً بهويتي ثابتاً بأقدامي لا أغيّر ولا أبدّل على أيّ جنب كان في الله مصرعِ، مهما كانت صيغة الموت قتلاً أو حرقاً أو سحقاً أو أي أمرٍ
وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلوٍ ممزع
إخوتي الكرام: قرونٌ متعاقبة بين كل قصة وقصة سبعة قرون والأمر واحد، والنهج واحد، والقول واحد، والهم واحد، قاله -صلى الله عليه وسلم- كما روى الترمذي بسند صحيح: "من كانت الآخرة همه جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا راغمة، ومن كانت الدنيا همه فرَّق الله عليه أمره ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له"
أوجزها عليه الصلاة والسلام الذي أوتي جوامع الكلم، لو كانت الدنيا أكبر همنا وأوكد شغلنا فستتفرق همومنا، وتعظم غمومنا، وتكثر مخاوفنا، وترتجف أوصالنا، وترتعد فرائصنا ولا نكاد نطمئن لحظة، ولا نسعد آناً بحال من الأحوال، ولو تعلقت القلوب فكانت الآخرة هي الهمّ فسيجمع الله ذلك الهم في أمر واحد وجهة واحدة ومقصد واحد: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات56]
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162-163]..
والعجيب أنه قال: "وجعل غناه في قلبه"، فلئن افتقر في يده فالغنى في قلبه ولئن سلب ماله فالغنى في قلبه، ولئن ضيّق عليه في عيشه فالغنى في قلبه لا أحد يستطيع أن يسلبه، ولا أن يحجبه ولا أن يخلقه بحال من الأحوال، "وأتته الدنيا وهي راغمة" بأبي هو وأمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تأملوا "وأتته الدنيا وهي راغمة"، ما كتب لك سيأتيك والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حديث آخر رواه ابن ماجه والحاكم في المستدرك وصححه أهل الحديث: "من جعل الهموم همّاً واحداً –هم آخرته- كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبالي به الله في أي وادٍ هلك"، نسأل الله عز وجل السلامة، وأن يعلق قلوبنا بطاعته ومرضاته، وأن يجعل الآخرة همنا، وألا يشغلنا بالدنيا عنها، وأن يجعل سعادتنا وغنانا في قلوبنا.
الخطبة الثانية:
معاشر المؤمنين.. أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإنها أعظم زاد يُقدم به ط§ظ„ط¹ط¨ط¯ على مولاه.
وإن أعظم التقوى أن نسكنها القلب، والله -سبحانه وتعالى- بيّن لنا أن الأمن والطمأنينة ليست من الخارج، ليست بأن يكون لك حرس ولا جند ولا أن يكون معك من يغيثك إن حصل لك شيء بل الأمن هنا مستقر في قلبك: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام: 82]..
سبحانك ربي هذه المواقف التي أشرنا إليها يصلب وسيقتل وهو ثابت لم يرتجف له جفن ولم يقشعر له جلد ولم يخفق من الخوف قلبه، لأن الأمن والأمان في قلبه وجوفه، لأنه موصول بربه لأنه لا يخشى على الدنيا ولا من الدنيا شيئاً، هنا حقيقة التقوى وهنا حقيقة ما نواجه في أمر دنيانا وما قد يمر بنا حتى وإن كنا بحمد الله سليمين من تلك المواطن في أرض الإسراء أو بلاد الشام أو غيرها التي يعتدى فيها على الأرواح والأعراض والديار والمقدسات بما نعلم وبما نرى فإننا في أمس الحاجة إلى الأمرين:
أمر نعرف فيه أن الدنيا مقدورة بقدر الله ما سيأتينا من رزقها، وأنها لا ينبغي أن تكون هي أوكد الهم وأعظم الشغل فنطمئن ونسعد وإن ضاقت الأمور الدنيوية، ومن جهة أخرى أن نجعل الهم للآخرة ووقوفنا بين يدي ربنا، "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه كفاحاً ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أمامه فإذا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة" حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
والله -سبحانه وتعالى- يبيّن لنا في المحاورات القرآنية حقيقة الأمن: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ) [الأنعام: 81]
صاحب الإيمان أحق بالأمن، صاحب الأمل في الآخرة أن كلما يفوته في الدنيا سيلقاه عند ربه إن أخلص واتقى، هو الآمن ودعك من ذاك، الذي جحد أمر ربه وتنكب هدي رسوله، وظلم عباد الله وخلق الله فإنه وإن كان مدججاً بالسلاح فإن الخوف في سويداء قلبه يجري مع دمائه يظهر في فرائصه، يخرج من فلذات كلامه، ولذا يرتعد من كلمة إذا سمع التكبير كما ترون في أرض الإسراء يفر الجنود المدججون بالسلاح كالفئران المذعورة..
والمشهد متكرر في بقاع شتى لأن الكلمة المؤمنة مزلزلة مدوية، لأن الإيمان لا يتراجع بإذن الله عز وجل وحوله وقوته، ولذلك معركتنا محسومة لصالحنا، وقوتها بأيدينا إن راعينا تلك القلوب فسكبنا فيها الإيمان، وعظمنا فيها اليقين فإن كل قوى الأرض ليس لها قيمة بل إن القرآن ذكر فيها تعبيراً فريداً نادراً بليغاً معجزاً عندما ذكر كل قوى الأرض وقال جل وعلا: (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ) [الزمر: 36]، كل هذه القوى العظمى والكبرى كلها جمعت في كلمة واحدة (مِن دُونِهِ) لا قيمة لها أمام قوة جبار السماوات والأرض، لا قيمة لها أمام جند من جند الله كالريح أو الخوف يُبعث في قلوب الناس من المجرمين، وهذا أمر ينبغي أن نعظم اليقين به ولا يكون حالنا كحال من وصف الله، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج: 11]..
كم رأينا اليوم من تقلبات باع فيها أناس دينهم، وساوموا على مبدئهم وكانوا مع عدوهم على أمتهم والعياذ بالله، لئن أنجاك الله من هذا فإنه خير عظيم، كيف ما جرى لك في هذه الدنيا، وكيف ما حصل لك، فإن الدين أعظم شيء وهوية الإسلام أعظم شيء مات لأجلها الخلّص من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقبلين غير مدبرين، وإذا بأنس بن النضر، وإذا بذاك الصحابي الجليل يقول: "واهاً لريح الجنة والله إني لأجد ريحها دون أحد"..
والآخر يندق الرمح في صدره ويخرج من ظهره وهو يقول: "الله أكبر أفلحت ورب الكعبة"، موازين مختلفة مقاييس لا يفهمها إلا من وقر الإيمان في قلبه، وسكنت نفسه ورضيت وسعدت بأمر الله وبالجهاد في سبيل الله وبالنصر لدين الله وبالعون لعباد الله مهما تنكبت في وجهه الحياة، ومهما صعبت الظروف أو تكالبت الأعداء من هنا أو هناك، (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ) [الشورى: 20].
إذا نظرت إليهم وقد أخذوا الدنيا وقد باعوا دينهم فلا تحسدهم بل أشفق عليهم فإنهم قد ضيعوا دنياهم وباعوها بأخراهم، بل باعوا أخراهم بدنيا غيرهم، (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [هود: 15-16]
هل تريد أن تكون في هذا الصف أو ذاك؟
الأمر عظيم والخطب جليل، ولن نستطيع مواجهة أحداث في حياتنا الدنيا مهما صعبت أو عظمت أو قلّت أو هانت إلا بهذا الإيمان الراسخ والوجهة الصادقة نحو الآخرة ونحو رضى الله -سبحانه وتعالى- حتى لا يشغلنا عن ذلك شيء.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعظم الإيمان في قلوبنا وأن يرسخ اليقين في نفوسنا وأن يجعلنا أوثق بما عند ربنا مما في أيدينا، اللهم اجعلنا عليك متوكلين وبك واثقين، ولك متقين ولك مخلصين وإليك منيبين، ومنك خائفين، وفيك راجين يا رب العالمين.
خطبة للشيح على بن عمر بادحدح حفظه الله
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
و السعادة الحقيقية هي في تقوى الله والسير على المنهج الصحيح السليم وترك الركون الى الدنيا وزخرفها ..
فتح الله عليك وبارك فيك ياغاليه وفي كاتبه وكتب اجركما ...
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :