السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
أريد أن أعرف هل من الفطرة والطبيعة الأنثوية أن تكون ط¶ط¹ظٹظپط© النفس أمام الرجال أو لا؟
ولا أقصد بالضعف ما يخص العلاقات الجسدية بالطبع ، إنما المقصود بالضعف ذلك الشعور بالفرح والنشوة المُصاحِبة للأنثى نتيجة اهتمام الشباب بها،
ومشكلتي أنني أحاول بكل قوتي أن أكون بنتا حازمة، وقوية النفس، وأدعو الله دائما أن يقويني على الفتن،
وأنا الحمد لله ألبس حجابي الشرعي، ولا أضع العطور، ولا أتكلم مع الرجال، إلا في حالات الضرورة القصوى،
إلا أنني أشعر بالفرحة والسعادة تغمرني حين أجد اهتماما أو إعجابا من رجل، أو من يحاول أن يتقرب إلي بأي طريقة، أو أن يكلمني،
ربما هو نوع من الغرور الأنثوي،
ومع ذلك فأنا واعية بأن هذه الأمور تصدر في الغالب من نفوس مريضة، ومن لديهم مقاصد غير حسنة، إلا أن ظ†ظپط³ظٹ تضعف، ويتحكم بي هذا الإحساس فأميل نفسيا إلى من يهتم بي أو يعجب بي،
وفي الوقت نفسه أنا أجاهد ظ†ظپط³ظٹ لأقاوم هذا الشعور، فأظل أعيش صراعا نفسيا بين الخير والشر، ثم أتصرف بعد ذلك بأسلوب فيه شدة مع الرجال، حتى أجعلهم يبتعدون عني، ويكرهوني في العمل ولا يكلمونني،
أحلم بأن أجد رجلا يهتم بي ويحبني في الحلال، وحاليا أنا أعاني من شعوري بالخوف من أن يعاقبني الله على هذه الأحاسيس أو على تصرفاتي الخاطئة، بزوج بدون أحاسيس،
أتمنى أن تساعدوني لأني تعبت وأريد أن أرتاح، وبخصوص العمل أنا سأتركه إن شاء الله بعد الزواج، أما حاليا فأنا مضطرة للعمل لظروفي الخاصة.. وشكرا لكم..
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أختي السائلة الكريمة، بداية أشكرك على طرحك لاستشارتك، وهي تعرض مشكلة تعاني منها فتياتنا داخل مجتمعاتنا نتيجة الاختلاط وانتشار الفتن، وشيوع العلاقات المحرمة..
ومشكلتك ألخصها فيما يلي:
ـ اهتمامك بنظرة الرجال وإعجابهم بك، ورغبتهم بالتقرب منك، وطلب مودتك وحديثك..
ـ ميلك النفسي والغريزي لهذا الشعور، وانجذابك النفسي والعاطفي لاهتمام الرجل وإعجابه بك..
ـ معاناتك من الصراع النفسي بين شعورك العاطفي اتجاه الرجل، وبين خوفك من الله وعقابه، وحرصك على طاعته ورضاه، ورغبتك في تجنب كل فعل حرام، وكل شعور يغضب الله..
ـ رغبتك في إيجاد حلول تحقق لك التوازن النفسي بين التحكم في شعورك العاطفي اتجاه الرجل وبين حفاظك على التزامك وتدينك وطاعتك لله..
بداية أقول لأختي الكريمة:
بخصوص ما ورد بشأن سؤالك عن الميل العاطفي للأنثى اتجاه الرجل هل هو فطري أم هناك من تملك القدرة على التحكم به، فأقول: إن الله سبحانه وتعالى خلق كلا من الذكر والأنثى وربط بينهما بعاطفة تجعل كلا منهما يميل للجنس الآخر، المختلف عنه شكلا، وخِلقة، وتكوينا نفسيا وفسيولوجيا، وخلق سبحانه النفس البشرية بطبيعتها تميل إلى الأشياء التي تفتقدها وتتمناها، ففطر المرأة بطبيعتها تميل للرجل، وفطر الرجل بطبيعته يميل للمرأة، واقتضت حكمته سبحانه أن جعل هذا الانجذاب وهذا المَيل العاطفي بينهما، سببا من أسباب التجاوب، والتوافق، والانسجام، والتآلف لبنهما، والاستعداد لبناء قواعد البيت والأسرة سويا، وزرع الرغبة الطبيعية لديهما في الزواج، وأنت أختي الكريمة بطبيعتك كأنثى قد فطرك الله على هذا الشعور، حتى تتحملي مسؤولية الزواج والإنجاب، والرغبة بوجود رجل يشاركك حياتك، ويمنحك الشعور بالأمان، والحماية، والوقاية الاجتماعية، والإحساس بالسكن وبالحنان والمودة والرحمة..
وهذه المشاعر تمنحك إحساسا بالفرح، والرضا، والسعادة، فتميلين إليها ميلاً داخليًا ونفسيا، وإن لم تظهري استجابة لها..
ثانيا:
بالنسبة لحكم الدين بخصوص هذا الميل القلبي، فكل ما يتعلق بالقلب إن لم يتحول إلى سلوك أو فعل حرام أو مكروه أو غير مستحب..، ولم يصل إلى درجة العزم والهم على فعل الحرام، فلا يحاسب عليه العبد، ولا يترتب على ذلك ثواب ولا عقاب،
ففي الصحيحين: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك: فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة"..
ومعنى هذا أن العبد عليه أن يتحَرَّى في أفعاله وسلوكِه وأقوالِه الحلال ما استطاع إلى ذلك سبيلا، أما المقاصد والنيات والمشاعر والعواطف فموكولة إلى القلوب التي تتقلَّب بين يدي الله، ولكل منقلبٍ كتاب, يكتب للعبد ما جنت أو اقترفت يداه..
ثالثا:
إذا كان الإعجاب القلبي لا يؤثم عليه العبد، فهذا لا يعني إطلاقك العنان لمشاعرك وعواطفك دون ضابط يحكمها ويُلجِمها، بل من الورع أن تتجنبي هذه المشاعر حتى لا تتحكَّم فيك وفي تصرفاتك وسلوكك العام، وحتى لا تتحول من مستوى الميلان والتعلُّق القلبي والإعجاب، إلى نوع من أنواع العشقً الذي إذا تمَكَّن من القلب صرفه عن الحلال، أو أن يتحول هذا التعلُّق إلى رغبة جامحة قد توقعك في الحرام، وتصرفك عن طاعة الله وعن ذكر الله، وعن إدارة وقتك فيما ينفع العبد في دينه ودنياه..
وقد علمنا ديننا الحنيف كيف نتحَرَّى اجتناب الشبهات كما نتحَرَّى اجتناب المحرمات،
فعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الحلال بيِّن وإن الحـرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس، فمن اتَّقى الشبهات فـقـد اسْتَبْرأ لديـنه وعـرضه، ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام، كـالراعي يـرعى حول الحِمَى يوشك أن يَرْتَعَ فيه، ألا وإن لكل ملك حِمَى، ألا وإن حِمَى الله محارمه، ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهي الـقـلب)..
فمن الورع أختي الكريمة أن تتجنبي كل ما قد يؤدي بك إلى الوقوع في الحرام أو إتباع خطواته، وترك كل شبهة من الشُّبه حفاظا على دينك وعرضك.. لقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه).
رابعا:
احرصي على الحفاظ على دينك، وعلى التزامك بأدب الإسلام، وعلى رقابة الله في تصرفاتك وسلوكك العام، وتجنبي مواطن الخلوة بالرجال، وعلى غض البصر لأن النظر سهم مسموم من سهام الشيطان،
والله تعالى يقول: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
[النور: من الآية31]..
وأنت ولله الحمد فتاة ملتزمة، وتتحرَّين الحلال وطاعة الله ورضاه، ولكن نصيحتي لك أن تضاعفي من هذا الحرص حتى فيما يخص مشاعرك، وتلزمي التقوى والعفة وصيانة عرضك وشرفك، فهذا هو الذي سيرفع من قيمتك ومكانتك لدى أي رجل شريف يخاف الله، ومن سيحبك حقا ويتعلق بك لن ينظر إليك إلا كزوجة وكشريكة لحياته، ولن يتردد في التقدم لخطبتك، ولن يحتاج إلى أن يسلك سبل الحرام، ولا تبادل مشاعر الحب في الحرام، ولا استدراج مشاعرك وعواطفك والتواصل معك خارج إطار الزواج..
خامسا:
تجنبي مخالطة الرجال ما استطعت لذلك سبيلا إلا ما اضْطُررت إليه، واحرصي على الالتزام بالحجاب الشرعي الغير المثير للفتنة، وعلى عدم مخاطبة الأغراب من الرجال إلا فيما اضطررت لذلك، وفي الأمور المعروفة والغير المنكرة، ودون أن يكون في ذلك خضوع في القول اللين الذي يثير الشهوات، أو يحرك الغرائز، أو أطماع مرضى القلوب، فقد حذر الله أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين، من الخضوع في القول مع أنهن صفوة النساء وخيرهن وأرضاهن
فقال تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}
[الأحزاب: من الآية32]..
فكيف بنا نحن في زمن كثرت فيه الفتن، واختلاط الرجال بالنساء، وانتشار أسباب إثارة الشهوات، فالأولى تجنب كل حديث يصيب القلب بالطمع، أو أن يكون مدخلا من مداخل الشيطان..
وخلاصة القول:
تجنبي أختي الكريمة كل مثيرات الفتن والشهوات، والفحش في القول والفعل والنظر..،
واتق الله حتى في مشاعرك ما استطعت لذلك سبيلا، حماية لنفسك ودينك وعرضك،
وما لست ملزمة فيه بمخالطة الرجال تجنبيه، فإنه أبعد عن الريبة،
ومتى لاحظت إعجابا أو اهتماما خارجا عن المألوف من أي رجل غريب، تجنبي مخالطته ومحادثته، أو التواصل معه ولو في إطار العمل، ففي هذا وجاء وحماية لنفسك من الشهوات والنزوات والميل للأهواء، وما قد يؤدي إلى إفساد حياتك وإفساد عباداتك وطاعاتك، والأولى إغلاق هذا الباب، لأنه من يتبع خطوات الشيطان ويحوم حول الشبهات يوشك أن يقع في الحرام،
ولا يأمن العبد على نفسه من الوقوع في الحرام ولا سوء عاقبته..
وبالعموم يجب عليك عدم قبولك بالاصل بالعمل الذي فيه شبهة الاختلاط كونه وسيلة غالبة للوقوع في المحرم , ولو كنت محتاجة للعمل فابحثي عن عمل يليق بدينك ويتصف بوصف شرعي مقبول من حيث بعده عن المعاصي والخلطة المحرمة ومثيرات الفتن وانصحك بالبدء في ذلك عاجلا غير آجل .
أسأل الله العلي القدير أن يحفظك في نفسك ودينك وعرضك، وأن يرزقك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأن يرزقك زوجًا صالحًا تقيا يكون عونًا لك على طاعته ورضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أجاب عنها : صفية الودغيري