عنوان الموضوع : تلاؤم المعاني في سورة الرعد
مقدم من طرف منتديات بنت السعودية النسائي




تلاؤم ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ في ط³ظˆط±ط© الرعد



معلوم أن ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ القرآنية تتحدث عن كل ما من شأنه إثبات الألوهية لله الواحد الأحد، بل إن الحديث عن الله - جل جلاله - له الجزء الأكبر من معاني السورة القرآنية جميعها؛ فالمتأمل يلحظ في كل ط³ظˆط±ط© - بل في كل آية - معنى يساق "لضرب المثل الأعلى لله، فهو السميع البصير، على كل شيء قدير، غفور رحيم، عزيز حكيم، حي قيوم، واسع عليم، بصير بالعباد، يحب المحسنين، ولا يحب الظالمين، واحد قهار، كبير متعالٍ، عالم الغيب والشهادة، الملك القدوس، السلام المؤمن المهيمن، العزيز الجبار المتكبر، الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى[1]".




إلى غير ذلك من معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى، بالإضافة إلى ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ الكونية، ومعاني الأعمال الصالحة، والأعمال السيئة، وذكر الوعد والوعيد، والجنة والنار، والثواب والعقاب، ونحو ذلك من ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ السامية التي تحدث عنها القرآنُ جملة وتفصيلاً.




وقد عرضت ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ط±ط¹ط¯ لكثير من ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ الرفيعة؛ حيث تحدثت آياتها عن الله - جل ثناؤه - في أروع أسلوب، وأبدع تركيب، وجاء المعنى منسقًا متلائمًا مع ما قبله، وما بعده.




فالله هو الذي رفع السموات بغير عمد، وهذا معنى القوة والعظمة، يأتي بعده في جانب ذكر الله قولُه - تعالى -: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الرعد: 2]
وهنا يبرز معنى العلو المطلق الذي يليق بجلال من خلق السموات والأرض وما فيهن، وما بينهما.






وبعده يستمر السياق متحدثًا عن تعاقب الليل والنهار، وهنا معنى القدرة القادرة يأتي بعد كمال ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ الرفيعة السامية لله - تعالى.




وبين تلك الآيات ظلال وارفة تحمل من ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ ما يليق بكل معنى سابق أو لاحق؛ ففي جانب الحديث عن الله يأتي معنى يسوقه قوله - سبحانه -: ﴿ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾ [الرعد: 2]
فالمطلوب هنا هو التصديق والإيمان، ثم معنى عن الكون، وما أودع فيه من نِعم ومنافع لصالح كل ما يدب على الأرض، فهناك معنى تسخير الشمس والقمر، ومد الأرض، وتفجير الأنهار، وتعاقب الليل والنهار.



• • •




وبعد تلك ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ يأتي في السياق ما يلائم ذكرها من معنى التدبر والتفكر، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرعد: 3]
فالتفكُّر ومعناه: هما الغاية السامية لكل ذي عقل ودين.







ويأتي معنى الربوبية والألوهية الخالصة تسوقه الآية الكريمة من قوله - تعالى -: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [الرعد: 15]
وروعة النظم أن جاء بعد المعنى ما يتطلبه مقام الآية هنا؛ إذ تسوق الآية الكريمة معنى الإنكار على الكفار لتوحيد الألوهية من قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الرعد: 16]
ويأتي إثبات ذلك في قوله: ﴿ قُلِ اللَّهُ ﴾ [الرعد: 16].




وتجد معنى القوة والقهر في قوله: ﴿ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد: 16] يأتي بعده معنى يلائم تلك القوة وهذا السلطان من قوله: ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾ [الرعد: 17]
فمن ذا الذي يستطيع إنزال الماء من السماء غير الله ذي القوة والرزق المتين؟
﴿ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ [الواقعة: 69].







وضَعْ بين يديك آيات أخر مما تحدثت عنه السورة الكريمة من المعاني.





يقول - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ [الرعد: 36].


لقد رسمت تلك الآية معنى الأمر بالعبودية الخالصة لله، لا شريك له، والدعوة إليه لا إلى غيره، والمرجع إليه دون سواه؛ فالمعاني هنا متلائمة مترابطة؛ إذ بعد تحقيق معنى العبودية يأتي معنى دفع الشرك وطرحه، وبعد تحقيق هذين الغرضين يأتي معنى الدعوة إلى الله؛ إيمانًا به وإخلاصًا في عبادته، ولا أجلَّ ولا أشرف من الأعمال بعد تحقيق العبادة، ونبذ الشرك، شيء سوى الدعوة إليه سبحانه، وبعد تحقيق تلك ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ تومئ الآية الكريمة إلى المعاد من قوله - تعالى -: ﴿ وَإِلَيْهِ مَآبِ
حتى يقر في النفس البشرية معنى الجزاء، وما فيه من ثواب أو عقاب.






فإن قلت: ما الصلة، وما وجه التلاؤم بين معنى: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ﴾ [الرعد: 36] بما قبله؟
قيل لك: هو جواب للمنكرين، معناه: قل: إنما أمرت فيما أنزل إليَّ بأن أعبد الله، ولا أشرك به؛ فإنكاركم له إنكار لعبادته وتوحيده، فانظروا ماذا تنكرون مع ادعائكم وجوب عبادة الله، وأن لا يُشرَك به[2]".






وتأمل قوله - تعالى -: ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ ﴾ [الرعد: 33] إلى قوله - تعالى -: ﴿ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ﴾ [الرعد: 34].






فقد رسمت الآيات هنا معنى إحاطة علم الله بكل نفس، ومعنى الإنكار على اتخاذ الشركاء، وتوجب أن يأتي إنكار الشرك والشركاء بعد معنى إحاطة علم الله بكل شيء، ثم ولِيَ هذا الإنكار معنى اتباع الهوى، والإعراض عن سبيل الله، وولي هذا الإعراض ما يستحق عليه المعرضُ من جزاء في الحياة الدنيا، وفي الآخرة، ثم ختم هذا المعنى بذكر عدم القدرة على الإفلات من عذاب الله في الحالين.




ومسك الختام عن طھظ„ط§ط¤ظ… ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ†ظٹ في ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ط±ط¹ط¯ قول الله في خاتمتها: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43].





فالآية هنا تقرر إثبات الرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - في أرقى معاني الإثبات؛ إذ تسوق نفي الكفار لرسالة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وتدحض ذلك النفي الشنيع "بما يظهر رسالته من الحجج القاطعة والبينات الساطعة، ذلك الإثبات المتمثل في شهادة الله التي لا مندوحة عنها إلى شاهد آخر[3]".



إذا كان هذا عن التلاؤم بين الألفاظ، والتراكيب، والمعاني، فكيف به في جوِّ السورة العام؟ ذلك ما سنعرض له في المقالات التالية.






[1] انظر من بلاغة القرآن للدكتور أحمد أحمد بدوي ص 253، الطبعة الثانية 1370هـ، مطبعة نهضة مصر.





[2] انظر الكشاف الزمخشري ص 362، طبعة دار الفكر بيروت.




[3] انظر تفسير أبي السعود ص 235، تحقيق عبدالقادر أحمد عطا، مطبعة السعادة بمصر.

د. محمد بن سعد الدبل











>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك وأثابك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

كم نحن في غفلة من تدبر ايات الله العظام ومعرفة معانيها ..
نسأل الله أن يفتح على قلوبنا ويرزقنا تدبر اياته العظام ..

احسنتِ الانتقاء .. فتح الله عليك وجعلك مباركة أينما كنتِ ياغاليه ..

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :